الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فشكر الله لك سعيك ووفقك وأعانك وثبتك على الهدى، وإننا أولا نبين لك حكم صلاة النساء جماعة واختلاف أهل العلم في ذلك، ونذكر لك ما نراه راجحا، فنقول: قد اختلف الفقهاء رحمهم الله في حكم صلاة النساء جماعة بإمامة إحداهن، فذهب الشافعية والحنابلة في المعتمد إلى أنها تستحب، وتقف من تؤمهن وسطهن، وممن روي عنه أن المرأة تؤم النساء: عائشة وأم سلمة لما رواه أبو داود وصححه من حديث أم ورقة بنت نوفل الأنصارية، - رضي الله عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان يزورها ويسميها الشهيدة -وكانت قد جمعت القرآن- وكانت تؤم أهل دارها، وجعل لها مؤذنا يؤذن لها، وصح عن عائشة أنها كانت تؤم النساء وتقف وسطهن.
وذهب الحنفية إلى حرمة جماعة النساء وحدهن بغير رجال مع صحة الصلاة لو وقعت، قال ابن نجيم رحمه الله في البحر الرائق: وكره جماعة النساء ; لأنها لا تخلو عن ارتكاب محرم وهو قيام الإمام وسط الصف فيكره كالعراة كذا في الهداية وهو يدل على أنها كراهة تحريم ; لأن التقدم واجب على الإمام للمواظبة من النبي صلى الله عليه وسلم عليه وترك الواجب موجب لكراهة التحريم المقتضية للإثم، ويدل على كراهة التحريم في جماعة العراة بالأولى، واستثنى الشارحون جماعتهن في صلاة الجنازة فإنها لا تكره ; لأنها فريضة وترك التقدم مكروه، فدار الأمر بين فعل المكروه لفعل الفرض أو ترك الفرض لتركه فوجب الأول بخلاف جماعتهن في غيرها.
وأما المالكية فذهبوا إلى بطلان صلاة النساء خلف امرأة، قال العلامة الخرشي رحمه الله: لا تصح إمامة المرأة سواء أمت رجالا أو نساء في فريضة أو نافلة.
والراجح استحباب صلاة المرأة بالنساء لما سبق من الأدلة، وننصحك بالاتفاق مع زميلتك على أداء الصلاة جماعة والابتعاد عن الغيبة وغيرها من المحرمات، ولا تجعلا للشيطان سبيلا في حرمانكما من الخير بسبب خشية الوقوع في الحرام، وينبغي لك نصحها في الاشتغال بالحديث في غير الغيبة عند اللقاء بها للصلاة، فإن كنت تنجرين معها في الحديث عن الآخرين واغتيابهم فالواجب على كل واحدة منكما أن تبتعد عن الأخرى ولو أدى ذلك إلى صلاتها لوحدها لأن دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح.
والله أعلم.