الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد وحد سبحانه سبيله في قو له: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ {الأنعام: 153} لأن المقصود هنا الأديان المختلفة و الطرق التابعة للهوى فإن مقتضى الحجة واحد ومقتضى الهوى متعدد لاختلاف الطبائع والعادات.
قال ابن كثير: إنما وحد سبيله لأن الحق واحد ولهذا جمع السبل لتفرقها وتشعبها، وفي الكشاف: ولا تتبعوا السبل " الطرق المختلفة في الدين من اليهودية والنصرانية والمجوسية وسائر البدع والضلالات " فتفرق بكم " فتفرقكم أيادي سبا " عن سبيله " عن صراط الله المستقيم وهو دين الإسلام .
وجمع سبيله في قوله: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا {العنكبوت: 69} وذلك لأن: سبيل الحق واحد ولكنه يتعدد إلى معارف وأعمال وأقوال وأبواب كثيرة مختلفة. فالمقام هنا يقتضي الجمع لأنه عن طرق الخير ومقاصده وهي كثيرة وإن كان سبيلها وغايتها واحدة، فالجمع باعتبار تنوعها فالصدقة سبيل من سبل الخير والصلاة والصيام والجهاد كلها من سبل الخير، ومن جاهد نفسه على التزامها وفقه الله وسدده وهداه .
والله أعلم.