الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فكان من الواجب على البائع أن يبين العيوب التي في السيارة من تسريب زيت وغيره، وأن لا يُخفيَ ما كانت قد قطعته من المسافات، وما حصل من تبديل العجلات، لما في ستر ذلك من الغش والتدليس، وفي الحديث الشريف: البيعان بالخيار ما لم يفترقا، فإن صدقا وبينا بورك في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما، رواه البخاري.
وإذا غش البائع أو دلس في العيب، فقد اختلف أهل العلم فيما إذا كان ذلك مفسدا للبيع أم لا، والمعتمد أنه لا يفسده, ولكن المشتري مخير بين فسخ البيع وإمضائه.
قال النووي في المجموع: إن باع ولم يبين العيب صح البيع مع المعصية، قال الشافعي رحمه الله في المختصر: وحرام التدليس ولا ينقض به البيع. وجملة القول في ذلك أن البائع إذا باع سلعة يعلم أن فيها عيبا، فإما أن يشترط فيها السلامة مطلقا أو عن ذلك العيب، وإما أن يطلق، فإن أطلق واقتصر على كتمان العيب وهي مسألة الكتاب، فمذهبنا وجمهور العلماء أن البيع صحيح، ونقل المحاملي والشيخ أبو حامد وغيرهما عن داود أنه لا يصح، ونقله ابن المغلس عن بعض من تقدم من العلماء أيضا.
واحتج أصحابنا بحديث المصراة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم جعل مشتري المصراة بالخيار إن شاء أمسك وإن شاء رد مع التدليس الحاصل من البائع بالتصرية، وهي عيب مثبت للخيار بمقتضى الحديث، فدل على أن التدليس بالعيب وكتمانه لا يبطل البيع. انتهى.
وعليه، فكان من حقك أن تفسخ بيع سيارة كابريس، لما ذكرته عنها من العيوب التي لم يبينها لك البائع.
وأما إلغاء صفقة سيارتي الفولفو فليس من حقك، طالما أن البيع قد انعقد بينك وبين البائع، وأنك لم تجد فيهما عيوبا توجب لك الخيار. وما حصل من غش في سيارة كابريس، لا يسري أثره إلى صفقات أخرى وقعت منفصلة عن صفقتها هي.
والله أعلم.