الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق حكم إتيان الزوجة في الدبر في فتاوى سابقة منها ما يلي: 1410، 4128، 8130، 10455.
وأما قصة عمر المشار إليها وقوله تعالى: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ {البقرة: 223} فليس فيهما الإتيان في الدبر بل فيهما الإتيان في القبل من جهة الدبر، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 31618 .
وأما قول لوط عليه السلام: هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ {هود: 78} فليس فيه دليل على ذلك، فلوط أرشد قومه إلى نسائهم بدلا من الرجال، وليس فيه أنه أباح لهم إتيانهن في أدبارهن، قال ابن كثير رحمه الله في التفسير: قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم. يرشدهم إلى نسائهم، فإن النبي للأمة بمنزلة الوالد، فأرشدهم إلى ما هو أنفع لهم في الدنيا والآخرة؛ كما قال لهم في الآية الأخرى: أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ {الشعراء: 165-166} وقوله في الآية الأخرى: قالوا أولم ننهك عن العالمين -أي ألم ننهك عن ضيافة الرجال- قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ * لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ {الحجر: 71-72} وقال في هذه الآية الكريمة: هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ. قال مجاهد: لم يكن بناته ولكن كن من أمته وكل نبي أبو أمته. وكذا روي عن قتادة وغير واحد.
وقال ابن جريج: أمرهم أن يتزوجوا النساء ولم يعرض عليهم سفاحاً، وقال سعيد بن جبير: يعني نساءهم هن بناته وهو أب لهم. ويقال في بعض القراءات: النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم [ وهو أب لهم ] وكذا روي عن الربيع بن أنس وقتادة والسدي ومحمد بن إسحاق وغيرهم. انتهى. وبهذا يعلم السائل حكم إتيان الزوجات من الأدبار وأنه لا دليل على إباحته.
والله أعلم