الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أولاً أن ننبهك إلى أن روح المؤمن عظيمة عند الله، فالله سبحانه وتعالى يقول في كتابه : وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا {النساء: 93 } وثبت في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء . وروى أبو داود عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يزال المؤمن معنقا ـ ومعنى معنقا : خفيف الظهر سريع السير ـ صالحا ما لم يصب دما حراما، فإذا أصاب دما حراما بلح- أي أعيا وانقطع . وروى ابن ماجه عن البراء رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل مؤمن بغير حق . فعلى من ارتكبوا ما ذكرته من البغي أن يتوبوا إلى الله قبل أن تفوت الفرصة .
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك فإن المتمالئين على القتل يقتلون جميعا إذا لم يعف عنهم أولياء الدم أو يرضوا بالدية منهم ، فقد روى مالك في الموطأ أن عمر رضي الله عنه قال في رجل تمالأ عليه جماعة من أهل اليمن : لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعا .
وهذا ما درج عليه الشيخ خليل في المختصر حيث قال : ويقتل الجمع بواحد والمتمالئون؛ وإن بسوط سوط ، والمتسبب مع المباشر .
ولكن شريعة الإسلام السمحة الغراء لم تجعل للإنسان أن يقتص لنفسه ، لما يترتب على ذلك من الفساد ، وإنما جعلت القصاص والحدود والتعازير للسلطة الحاكمة ، وكنا قد بينا هذا الحكم من قبل فلك أن تراجع فيه فتوانا رقم : 13598 .
والله أعلم .