الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن العمل في البنك الربوي حرام لأنه إن كان كاتبا لعقود ومعاملات الربا أو شاهدا على ذلك فقد صح الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه في الإثم سواء مع آكل الربا وموكله ، ففي صحيح مسلم من حديث جابر قال : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه . وقال : هم سواء . وإن كان في غير ذلك من الأعمال فهو معاون للمرابين، وقد نهى الله عن ذلك بقوله : وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2 } والربا من أعظم الآثام ، ثم إنه ليس من شك في أن الاقتراض بالربا من المحرمات الشرعية لما ورد في الحديث الشريف . ولكن تملك المنازل المذكورة يعتبر تملكا صحيحا ، والأموال التي تأتيكم من أجرتها حلال ، لأن القرض بعد قبضه يدخل في ذمة المقترض ويصير دينا عليه ، وسواء في ذلك القرض الربوي وغيره ، إلا أنه في القرض الربوي يأثم المقترض لتعامله بالربا .
وأما ما يتقضاه أبوك من المؤسسة الربوية فإن كان جاهلا بالحكم الشرعي أثناء عمله فلا حرج عليه في المرتب الذي تقاضاه منها إن كان تاب إلى الله بعد ما علم بحرمة العمل في ذلك المجال، فإن الله تعالى يقول في حق المال المكتسب من الربا : فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {البقرة: 275 } وإن لم يكن جاهلا بهذا الحكم أو لم يتب منه بعد علمه به فإن المرتب الذي يتقاضاه منه حرام ، والواجب عليه التخلص منه بصرفه في مصالح المسلمين العامة ، وإنفاقه على الفقراء والمحتاجين . وإذا تم هذا الأمر طهر المال ولو كان مشترى من أصل حرام .
والله أعلم .