الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن قذف المسلم واتهامه بارتكاب فاحشة الزنا كبيرة من كبائر الذنوب، فقد جاء في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا يا رسول الله: وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات.
ومن قذف مسلماً بريئاً فقد استحق حد القذف وهو الجلد ثمانين جلدة، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ* إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {النور:4-5}.
ولكن إقامة الحدود على أهلها هي مما اختص به الحاكم المسلم، قال ابن العربي المالكي عند تفسير قوله تعالى: فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا... المسألة السادسة: لا خلاف أن المخاطبة بهذا الأمر بالجلد الإمام ومن ناب عنه.
وما دام هذا الشخص قد شعر بأنه قد أغضب الله غضباً شديداً، فإن ذلك هو بداية التوبة. وإذا تاب وأناب إلى الله وصدقت توبته، فإن التوبة تجب ما قبلها، وقد قال تعالى بعد ما ذكر حد القذف في الآية التي ذكرناها: إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {النور:5}، وصح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه وغيره.
فعليه بالتوبة النصوح الصادقة أولاً، والندم على ما فعل والعزم على عدم العودة إليه، والإكثار من الاستغفار والطاعة ومجالسة الصالحين، والبعد عن رفقاء السوء، كما أن عليه أن يستسمح الشخص الذي ظلمه في عرضه ويستحله مما ارتكب في حقه.
والله أعلم.