الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كانت هذه الأماكن السياحية لا تستعمل غالبا إلا في معصية الله تعالى فلا يجوز الاشتراك في بنائها أو إصلاحها أو تركيب شيء منها لما في ذلك من الإعانة على المعصية.
يقول ابن القيم رحمه الله: قال الإمام أحمد: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع السلاح في الفتنة. ومن المعلوم أن هذا البيع يتضمن الإعانة على الإثم والعدوان، وفي معنى هذا كل بيع أو إجارة أو معاوضة تعين على معصية الله كبيع السلاح للكفار والبغاة أو إجارة داره أو حانوته أو خانة (فندقه) لمن يقيم فيها سوق المعصية، وبيع الشمع أو إجارته لمن يعصي الله عليه، ونحو ذلك مما هو إعانة على ما يبغضه الله ويسخطه. انتهى.
فإذا كان بيع الشمع أو إجارته لمن يعصي الله عليه منهيا عنه، فكذلك تركيب وإصلاح التكييف لمن يعصي الله تعالى عليه.
وذكر الشافعية أنه يحرم تهيئة الطعام للنائحات لأنه إعانة على معصية، جاء في الدرر البهية: ويحرم تهيئته لنائحات لأنه إعانة على معصية. انتهى.
ومعلوم أن معصية النائحات لا تقوم بالطعام المعد لهن، وإنما منع لأن ذلك معينا لهن على المعصية، وهكذا يقال في تهيئة مكان يعصى فيه الله تعالى أنه لا يجوز، هذا بوجه عام سواء كان في منطقة البحر الميت أو غيرها، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 47489 ، 54504، 54828.
أما منطقة البحر الميت فلم يقم عندنا الدليل الشرعي على أنها منطقة عذاب قوم لوط ولا غيرهم، والأصل في الأشياء الإباحة، ولا فرق بين البحر الميت وغيره من الأماكن في الحكم الشرعي حتى يثبت الدليل الشرعي بتخصيصه بحكم خاص.
وعليه، فيجوز البناء بالقرب من البحر الميت؛ كما يجوز الانتفاع بما يخرج منه من ملح ونحوه والاستحمام فيه إذا خلا من الاختلاط والعري المحرمين، وسائر ما يجوز الانتفاع به ولم يكن محرما لعلة أخرى.
ومجرد ذكر كتب التفسير أنها منطقة قوم لوط لا يؤثر وحده في الحكم لأن كتب التفسير لم تسند ذلك إلى خبر صحيح عن المعصوم صلى الله عليه وسلم، وإنما هي أقوال خلت عن الدليل فلا يمكن اعتمادها في إثبات حكم شرعي. وراجع الفتوى رقم:7761 ، والفتوى رقم: 8646.
والله أعلم.