الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلقبول الدعاء شروط لا بد من توفرها ، وموانع لا بد من تجنبها، وأسباب ينبغي الحرص على توفرها.
أما الشروط فجماعها ثلاثة شروط :
الأول : دعاء الله وحده لا شريك له بصدق وإخلاص ، لأن الدعاء عبادة قال تعالى : وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر: 60 } وفي الحديث القدسي : من عمل عملا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه . رواه مسلم
الثاني : ألا يدعو المرء بإثم أو قطيعة رحم ، لما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ، ما لم يستعجل ، قيل: يا رسول الله ما الاستعجال ؟ قال : يقول : قد دعوت ، وقد دعوت فلم أر يستجاب لي ، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء .
الثالث : أن يدعو بقلب حاضر ، موقن بالإجابة ، لما رواه الترمذي والحاكم وحسنه الألباني عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة ، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه .
وأما الموانع فهي ضد الشروط المذكورة .
وأما أسباب الإجابة فهي :
الأول : افتتاح الدعاء بحمد الله والثناء عليه ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وختمه بذلك .
الثاني : رفع اليدين .
الثالث : عدم التردد ، بل ينبغي للداعي أن يعزم على الله ويلح عليه .
الرابع : تحري أوقات الإجابة كالثلث الأخير من الليل ، وبين الأذان والإقامة ، وعند الإفطار من الصيام ، وغير ذلك .
الخامس : أكل الطيبات واجتناب المحرمات .
وأما كيفية الدعاء فهي أن يبدأ بحمد الله والثناء عليه ثم يصلي ويسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ويحضر قلبه ويحسن ظنه بربه ويوقن بإجابة الله له ولا يتردد ولا يقول اغفر إن شئت بل يعزم على ربه ويدعو بحاجته من خيري الدنيا والآخرة .
وأما قولك ( وهل الوسيلة تعتبر دعاء ) فالجواب نعم يجوز للإنسان أن يطلب حاجته من الله مباشرة وهو الأصل، وله أن يتخذ وسيلة مشروعة في دعائه كما قال عمر. اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبيك فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبيك فاسقنا. رواه البخاري .
والتوسل المشروع يكون بواحد من أمور ثلاثة :
الأول : التوسل إلى الله سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته .
الثاني : التوسل إليه بالعمل الصالح .
الثالث : التوسل بدعاء الصالح الحيًّ .
وقد قال تعالى عن عباده الصالحين : رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ {آل عمران: 16 } فقد توسلوا إلى الله بصالح أعمالهم ، وأما التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم والصالحين فمحل خلاف بين أهل العلم والراجح عندنا المنع كما بيناه في الفتوى رقم : 11669 .
والله أعلم .