الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقصد الرجل إلى الاحتكاك بالنساء محرم لاسيما في أعظم بقاع الأرض وفي حالة أداء ركنين من أركان الحج الطواف والسعي؛ إلا أن كرم الله ورحمته أعظم من هذا الذنب، فليبشر هذا الأخ التائب بتوبة الله عليه. قال الله تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى {طه: 82} وقال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر: 53} ويقول جل وعلا: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {الشورى :25}
والتائب حبيب الله، قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ {البقرة: 222}.
ويقول صلى الله عليه وسلم: لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته بالفلاة. رواه البخاري.
وليعلم هذا الأخ الفاضل أن للشيطان وسائل ومداخل للغواية فمن أحس منه الميل إلى المعاصي أوقعه فيها، ومن أحس منه التوبة الصادقة حاول تيئيسه وتقنيطه من رحمة الله، وقد حذر الله من ذلك؛ كما قال تعالى قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. وقال تعالى: وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ {يوسف: 87}.
وأما حجه فصحيح باتفاق الفقهاء، وليحذر من الانجرار وراء وساوس الشيطان والهوى، فالعلماء ينصون على أن الحج لا يفسده إلا الجماع ولم يحصل منه ذلك فلا ينبغي له بعد ذلك أن يبقى في شك من صحة حجه بعدما عرف موقف العلماء المستند إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم في هذه المسألة.
والحاصل أن على الأخ المذكور أن يحمد الله الذي وفقه للتوبة وليفرح بذلك فهذه صفة المتقين؛ كما قال تعالى وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ {آل عمران: 133- 136} فعلام القلق واليأس!! .