الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ثبت فضل عثمان بن عفان رضي الله عنه في كثير من الأحاديث وأنه أفضل الصحابة بعد الشيخين، فقد روى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : كنا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لا نعدل بأبي بكر أحداً ثم عمر ثم عثمان . وقد بايعه الصحابة بإجماع وهم أدرى بالأكفاء في عصرهم ، وقد نقل الذهبي في السير عن شريك أنه قال: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخار المسلمون أبا بكر فلو علموا أن فيهم أحدا أفضل منه كانوا قد غشونا ، ثم استخلف أبو بكر عمر فقام بما قام به من الحق والعدل فلما حضرته الوفاة جعل الأمر شورى بين ستة فأجمعوا على عثمان فلو علموا أن فيهم أفضل منه كانوا قد غشونا .
واعلم أن المعتمد عند العلماء فضل فاطمة على خديجة، وذلك لما رواه موسى بن عقبة عن كريب عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سيدة نساء العالمين مريم ثم فاطمة ثم خديجة ثم آسية . وقد حسن ابن عبد البر هذا الحديث كما قال ابن حجر .
وأما معاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهما فإن كتب السنة طافحة بترضي السلف عليهما، وهما مجتهدان مأجوران على اجتهادهما .
وعلى المسلم في هذا العصر أن يهتم بإصلاح نفسه وإصلاح مجتمعه وإصلاح عصره ، وأن يكف عما حصل بين السلف لأنهم أفضوا إلى ما قدموا ، فقد ذكر ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله في الرسالة في كلامه على العقيدة أنه لا يذكر أحد من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بأحسن ذكر، والإمساك عما شجر بينهم ، وأنهم أحق الناس أن يتلمس لهم أحسن المخارج ويظن بهم أحسن المذاهب .
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى أن السلف اتفقوا على الثناء على الصحابة المقتتلين بالجمل وصفين ، والإمساك عما شجر بينهم .
وأما مكة المكرمة والمدينة المنورة فهما أفضل بقاع الأرض ، ثم اختلف العلماء في أيهما أفضل ؟ فذهب الجمهور إلى أن مكة أفضل لكثير من الوجوه ، وذهب المالكية في المشهور عنهم إلى أن المدينة أفضل ، قال النفراوي في الفواكه الدواني : .... قال خليل : والمدينة أفضل ، ثم مكة أفضل من بيت المقدس .
والله أعلم .