الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الله تعالى هو السميع العليم الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ولا يحصل حدث في الكون إلا بعلمه وإذنه وهو خالق العباد وخالق أعمالهم والمحيط علما بخطرات نفوسهم. قال تعالى: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ {الصافات: 96} وقال: أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ {الملك: 14} وقال تعالى: أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ {هود: 5} وقال تعالى: أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ {التوبة: 78}
وقد دل لعلمه بدقائق أحداث الكون حسن تدبيره له وتربيته لشتى المخلوقات أحسن تربية سواء في ذلك صغيرها وضعيفها وكبيرها وصغيرها كما ثبتت النصوص الدالة على سمعه دعاء الداعين واستجابته لهم مهما كثروا.
ويدل له أيضا وقوع علمه بخفايا النفوس كما قال تعالى حكاية عن عيسى: تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ {المائدة: 116} قال القرطبي في التفسير: تعلم سري وما انطوى عليه ضميري الذي خلقته كما يدل له ما ثبت من سماعه لكلام المجادلة مع أن عائشة معها في البيت وقد خفى عليها بعض كلامها قالت عائشة: تبارك الله الذي وسع سمعه كل شيء إني لا أسمع كلام خولة بنت ثعلبة ويخفى علي بعضه...فما برحت حتى نزل جبريل بهؤلاء الآيات: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا {المجادلة: 1}. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
وفي الحديث: اربعوا على أنفسكم إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا تدعون سميعا بصيرا قريبا. متفق عليه.
وفي الحديث القدسي: يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا دخل البحر. رواه مسلم.
والله أعلم.