الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالوسواس القهري مرض يعتري الشخص وله أشكال مختلفة. فتارة يشكك الإنسان في عقيدته وخالقه، وتارة يشككه في عبادته، وأطوارا أخرى يلبس عليه أموره فلا يستطيع التمييز بينها. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أحدنا يجد في نفسه- يعرض بالشيء - لأن يكون حممة أحب من أن يتكلم به، فقال: الله أكبر الله أكبر الله أكبر، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة. رواه أحمد وأبو داود. وراجعي الفتوى رقم: 7950، ورقم: 12436، ورقم: 23914.
واعلمي أن شكك فيما إذا كنت مؤمنة أم لا هو غاية الشيطان التي يريد منك. لأنك إذا شككت في إيمانك، سهل عليه بعد ذلك صرفك عن عبادتك وإقناعك بأن لا فائدة منها. فعليك أن تُعرضي عن مثل هذه الوساوس. واعلمي أن الذي تجدينه من مدافعة تلك الوساوس هو الإيمان بعينه، كما قال أهل العلم. قال الشيخ الشنقيطي في النوازل:
وما به يوسوس الشيطان * والقلب ياأباه هو الإيمان
فلا تحاجج عنده اللعينا * لأنـه يزيـده تمكينــا.
ولتغلب العبد على الوسواس الذي يصيبه في عبادته وأفكاره عليه أن يصدق في الالتجاء إلى الله تعالى: ويلهج بالدعاء والذكر ليكشف عنه الضر ويدفع عنه البلاء، وليطمئن قلبه. قال تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَءِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ {النمل: 62}. وقال تعالى: الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد: 28}
والله أعلم.