الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب عما سألت عنه ننصحك بأن لا تظن بصديقك الشر إذا لم تكن عندك أدلة قاطعة بثبوت ما نسبته إليه . قال الله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات: 12} وقال النبي صلى الله عليه وسلم : إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث . رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة .
وإذا تحققت مما ذكرت عنه فيمكنك أن تنصحه وتبين له خطر النميمة والإفساد بين الناس دون أن تبين له أنك علمت بأنه كان هو السبب فيما حصل لك . ولقد أحسنت في طلب النصيحة في الكيفية التي تنزع بها الغل والحسد والحقد من قلبك؛ لأنها أمراض خطيرة على دين المرء ، وقد جاء في الخبر أن الحسد مرض من الأمراض النفسية التي لا يسلم منها أحد ، وأن علاجه هو ترك البغي والاعتداء على الناس ، أخرج عبد الرزاق عن معمر عن إسماعيل بن علية رفعه : ثلاث لا يسلم منها أحد : الطير والظن والحسد . قيل : فما المخرج منها يا رسول الله ؟ قال: إذا تطيرت فلا ترجع ، وإذا ظننت فلا تحقق ، وإذا حسدت فلا تبغ . والحديث وإن كان في سنده مقال، فقد ذكر ابن حجر في الفتح أن له شاهداً
وعليه؛ فالذي ننصحك به هو عدم السعي في أي أمر يمكن أن يجلب الشر لصديقك ، وأن تعامله بالحسنى فإن ذلك سيجعله يتراجع عما كان يضمره لك من الشر إن كان يضمر لك شراً أصلاً . قال الله تعالى : ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ {فصلت: 34 ـ 35}
والله أعلم .