الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان البيع قد وقع على ألف قطعة معينة موجودة ولكن غاية الأمر أنها غائبة وقت العقد فهو من باب بيع العين الغائبة الموصوفة، ويجوز فيه تأخير الثمن، جاء في الفواكه الدواني من كتب المالكية: لا بأس ببيع الشيء الغائب على الصفة، ولا ينقد فيه بشرط.
ولا يجوز في هذه الحالة إلزام المشتري بدفع غرامة عند تأخره في سداد الثمن، بل لا يجوز إبرام العقد وفيه هذا الشرط أصلا، لأن هذا الثمن دين في ذمته والزيادة عليه ربا، وهي نفس مقولة أهل الجاهلية: إما أن تقضي وإما أن تربي. أما البائع فإنه يجوز إلزامه بدفع غرامة عند تأخره في تسليم المبيع في حدود ما لحق بالمشتري من ضرر. جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي في دورته الثانية عشر: يجوز أن يشترط الشرط الجزائي في جميع العقود المالية ما عدا العقود التي يكون الالتزام الأصلي فيها دينا، فإن هذا من الربا الصريح.
وعلق على ذلك فضيلة الشيخ وهبة الزحيلي بقوله: وبناء على هذا، فيجوز هذا الشرط مثلا في عقود المقاولات بالنسبة للمقاول، وعقد التوريد بالنسبة للمورد، وعقد الاستصناع بالنسبة للصانع إذا لم ينفذ ما التزم به أو تأخر في تنفيذه، وراجع لمزيد من التفصيل الفتوى رقم: 34491، والفتوى رقم: 9215.
أما إن كان البيع وقع على شيء موصوف في الذمة -ليس معينا أو ليس موجودا- فهو من باب بيع السَلَم، ولا يجوز فيه تأخير الثمن (رأس مال المسلم) بل يجب تسليم الثمن في مجلس العقد وإلا بطل العقد، وراجع الفتوى رقم: 61817.
وإذا تم تصحيح العقد بأن سلم الثمن في مجلس العقد بحيث أصبح هذا العقد من باب عقد السلم، فلا يجوز إلزام البائع بدفع غرامة عند التأخر عن تسليم المبيع المسلَم فيه، لأن المبيع دين في ذمته، ولا يجوز اشتراط الزيادة عند التأخر عن سداده. جاء في قرار مجمع الفقه الذي سبقت الإشارة إليه: لا يجوز الشرط الجزائي عند التأخير في تسليم المسلَم فيه لأنه عبارة عن دين، ولا يجوز اشتراط الزيادة في الديون عند التأخير.
وإذا تقرر هذا.. فإذا كنت تستطيع أن تقتصر في عملك على ما هو مباح دون أن تباشر ما هو محرم أو تعين عليه بأي وجه من الوجوه فلا بأس بالعمل في هذه الشركة، أما إذا كنت لا تستطيع ذلك فيجب عليك ترك العمل فيها، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه. وراجع للأهمية الفتوى رقم: 47199 والفتوى رقم: 64901.
والله أعلم.