الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كانت القطرات والإفرازات التي تأتيك في الأيام الأولى تستمر يوماً وليلة باستمرار معتاد ، بحيث لو أدخلت قطنة ونحوها في الفرج تخرج ملوثة بالدم ، أو كان مدة المتقطع لو جمعت خلال خمسة عشر يوماً تبلغ يوماً وليلة فهي حيض ، لأنها بلغت أقل مدة الحيض وهي يوم وليلة ، وأيام الطهر بينها تعتبر دم حيض أيضاً على ما رجحه كثير من أهل العلم لأنها طهر غير معتبر فأقل الطهر المعتبر بين الدمين خمسة عشر يوما ، وعليك الامتناع مما تمتنع منه الحائض ، ولو قدر أنك صمت فيها يوما واجباً لزمك قضاؤه، وإذا بلغ مجموع هذه الأيام مع ما بعدها أكثر من خمسة عشر يوما في الشهر الواحد ، فإن ما زاد يكون دم فساد لأن أكثر مدة الحيض خمسة عشر يوما ، وفي هذه الحالة عليك الرجوع إلى التمييز ، فإن ميزت دم الحيض من غيره فإنك تعملين بالتمييز وتكونين حائضاً أيام نزول دم الحيض ، ومستحاضة أيام نزول الدم الآخر ، وطاهراً فيما سوى ذلك ، والمستحاضة كالطاهرة من حيث لزوم الصلاة والصوم وجواز الوطء ، وإنما تختلف من حيث الطهارة فإنه يلزمها الوضوء لكل صلاة عند دخول وقتها وأداؤها دون تأخير .
فإن لم تميزي دم الحيض من غيره فإنك ترجعين إلى عادتك الأولى وهي سبعة أيام ، قال أبو إسحاق الشيرازي في المهذب : وإن كانت معتادة غير مميزة ، وهي التي كانت تحيض من كل شهر أياما ثم عبر الدم عادتها وعبر الخمسة عشر ردت إلى عادتها ، فتغتسل بعد الخمسة عشر وتقضي صلاة ما زاد على عادتها .
وأما إذا كانت القطرات مع الإفرازات لا تستمر يوما وليلة ، ولا يبلغ مجموعها يوما وليلة خلال خمسة عشر يوما فهي دم فساد وليست دم حيض ، وتلزمك في هذه الأيام الصلاة والصوم .
والله أعلم .