الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن علاقة الزوج بزوجته في نهار رمضان أو غيره من أيام الصيام الواجب من جنس علاقته بالطعام والشراب، فلا يقترب من زوجته لغرض قضاء الشهوة ولا يقبلها ولا يمس فرجها بشهوة فهو حرام؛ لأنه بذلك يعرض صومه للبطلان، وحرام أن يبطل صومه الواجب، كما لا يجوز له أيضا أن يفسد صوم امرأته الواجب، ولا يجوز لها أن تمكنه من ذلك. ومن الصوم الواجب الذي يحرم إبطاله قضاء رمضان.
وأما صوم النفل كالست من شوال فلا يحرم عليه إفساده ولكن لو أراد أن يكون صومه صحيحا وكامل الأجر فلا ينبغي له أن يباشر زوجته ويستمتع بها بضم وتقبيل ومس؛ لأن ذلك قد يوقعه في إفساد صومه أو نقصان أجره أو هما معا. وقد امتدح الله الصائم بترك شهواته تقربا إليه سبحانه وذلك قوله في الحديث القدسي: يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي. متفق عليه.
وأما تقبيله عليه الصلاة والسلام وهو صائم فمعلل بأنه كان أملك الناس لإربه ومن يدّعي ذلك لنفسه؟ ومن رخص من أهل العلم للصائم في أن يقبل زوجته اشترط أن يكون ممن لا يخشى عليهم أن يجرهم ذلك إلى ما وراء القبلة، لما رواه أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المباشرة للصائم فرخص له، وأتاه آخر فسأله فنهاه فإذا الذي رخص له شيخ والذي نهاه شاب.
ولو قَبّل زوجته في يوم الصوم أو مس بدنها أو فرجها ووجد لذة في ذلك فأنزل منيا بطل صومه بالإجماع، فإن كان صوما واجبا لزمه قضاء يوم مكانه مع التوبة والاستغفار، ويستحب القضاء إن كان الصوم نفلا، أما لو خرج منه مذي فقد اختلف العلماء في ذلك هل يبطل صومه أو لا على قولين: أرجحهما أنه لا يبطل صومه، لكن الأولى قضاء ذلك اليوم خروجا من الخلاف، ولو قبّل ولم ينزل ولم يُمْذِ فلا شيء عليه، وصومه صحيح.
وعليه، فإن لم ينزل منك شيء ولا من زوجتك فصومكما صحيح، لكن لا تعودا لمثل ما فعلتما في الصوم الواجب خشية أن يجركما ذلك إلى الإنزال أو إلى الجماع، والمجامع في نهار رمضان تلزمه كفارة كبرى وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصوم شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا. وأما إفساد الصوم الواجب في غير رمضان فحرام ولا كفارة فيه، وأما إفساد الصوم المستحب فلا إثم فيه ولكن فيه تفويت خير كبير.
والله أعلم.