الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن الذي جمع الصحابة على إمام واحد في صلاة التراويح هو الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأما التهليل والتسبيح والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك من أنواع الذكر بعد كل ركعتين في صلاة التراويح أو بعد كل أربع فمحل خلاف بين أهل العلم رحمهم الله تعالى، فمنهم من استحبه ومنهم من أجازه ومنهم من عده بدعة منهيا عنها.
قال الكاساني في بدائع الصنائع: ومنها -أي سنن صلاة التراويح- أن الإمام كلما صلى ترويحة قعد بين الترويحتين قدر ترويحة يسبح، ويهلل ويكبر، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو وينتظر أيضا بعد الخامسة قدر ترويحة، لأنه متوارث من السلف، وأما الاستراحة بعد خمس تسليمات فهل يستحب؟ قال بعضهم: نعم، وقال بعضهم: لا يستحب وهو الصحيح، لأنه خلاف عمل السلف. والله الموفق.
وقال المرداوي في الإنصاف: لا يكره الدعاء بعد التراويح، على الصحيح من المذهب، وقيل: يكره، اختاره ابن عقيل.
وسئل العلامة ابن حجر الهيتمي رحمه الله تعالى: هل تسن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم بين تسليمات التراويح أو هي بدعة ينهى عنها؟ (فأجاب): بقوله: الصلاة في هذا المحل بخصوصه لم نر شيئاً في السنة ولا في كلام أصحابنا فهي بدعة ينهى عنها من يأتي بها بقصد كونها سنة في هذا المحل بخصوصه دون من يأتي بها لا بهذا القصد، كأن يقصد أنها في كل وقت سنة من حيث العموم بل جاء في أحاديث ما يؤيد الخصوص إلا أنه غير كاف في الدلالة لذلك. انتهى.
وقال ابن الحاج في المدخل: فصل في الذكر بعد التسليمتين من صلاة التراويح وينبغي له أن يتجنب ما أحدثوه من الذكر بعد كل تسليمتين من صلاة التراويح، ومن رفع أصواتهم بذلك والمشي على صوت واحد، فإن ذلك كله من البدع وكذلك ينهى عن قول المؤذن بعد ذكرهم بعد التسليمتين من صلاة التراويح: الصلاة يرحمكم الله فإنه محدث أيضاً، والحدث في الدين ممنوع وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ثم الخلفاء بعده ثم الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، ولم يذكر عن أحد من السلف فعل ذلك فيسعنا ما وسعهم. انتهى.
وهذا هو الذي نحث عليه ونوصي به، فكل خير في اتباع من سلف، وكل شر في ابتداع من خلف.
والله أعلم.