الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق الكلام على الحديث المشار إليه، وأنه حديث ضعيف، وأن العمل بالحديث الضعيف جائز في الترغيب والترهيب وفضائل الأعمال بشروط تجدها بالتفصيل في الفتوى رقم: 25773.
وما أشرت إليه من أن عمل النافلة فيه يعدل عمل الفريضة جاء في نفس الحديث المشار إليه بلفظ: من تقرب فيه بخصلة من خصال الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه. وهو حديث طويل رواه ابن خزيمة في صحيحه وغيره عن سلمان رضي الله عنه. والحديث قال عنه الأعظمي: ضعيف لضعف علي بن زيد بن جدعان أحد رواته.
ولتعلم أن مبنى الحكم على الحديث بالصحة أو الضعف هو الظن - كما قال أهل العلم - وذلك بناء على القواعد والضوابط التي وضعها أهل العلم بالحديث لتمييز درجات الحديث من التواتر المقطوع بصحته، ومن الصحيح المظنون أنه صحيح لتوفر شروط الصحة فيه، حسبما يبدو من اتصال السند، وعدالة الراوي وضبطه، وعدم الشذوذ أو العلة القادحة ، ومن الحديث الضعيف الذي اختل فيه شرط من شروط الصحة، وقد يصح الضعيف، ويضعف الصحيح بناء على تلك القواعد.
ولذلك فلا داعي للقلق أو الانزعاج، فإن الله تعالى قيض لهذا العلم جهابذة - قديمًا وحديثًا - ينخلونة نخلاً يميز صحيحه من ضعيفه، وينفي عنه المكذوب والموضوع. وقد قيل لابن المبارك: هذه الأحاديث الموضوعة؟ قال: يعيش لها الجهابذة. كما في كتاب التعديل والتجريح للباجي.
وبما أن الأحاديث النبوية هي المبينة لكتاب الله تعالى فهي محفوظة بحفظ كتاب الله الذي تكفل بحفظه كما قال تعالى: وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ {النحل:44}. وقال تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ {الحجر:9}.
ولذلك فقد ألف الحفاظ كتبًا تخص الحديث الصحيح، وألف بعضهم كتبًا تجمع الصحيح وغيره، وكل ذلك بالأسانيد التي إذا رآها أهل الاختصاص حكموا من خلالها على الحديث بالصحة أو الضعف.
والله أعلم.