الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان توصيلك لهذه الخدمة دون علم منك بالأشياء المحرمة التي ستترتب عليها فلا نرى عليك إثماً في ذلك، أما إذا كنت تعلم أو يغلب على ظنك أنهم سيستخدمون هذه الخدمة في أمور محرمة ثم أقدمت على هذا الفعل، فالواجب عليك الآن أن تتوب إلى الله تعالى بالندم على ما حصل منك مع العزم على عدم العودة إليه أبداً.
والواجب عليك في كل الأحوال أن تزيل هذا المنكر بقدر طاقتك، ولو كان ذلك بالكذب لأنه لا خير في مال يدره مثل هذا على الشركة التي تعمل فيها، وقد نص العلماء على جواز الكذب لكف الغير عن الشر، قال الإمام النووي في مقدمته للمهذب: الثانية عشرة: قال الصيمري إذا رأى المفتي المصلحة أن يفتي لعامي بما فيه تغليظ وهو مما لا يعتقد ظاهره، وله فيه تأويل، جاز ذلك زجرا له، كما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن توبة قاتل فقال: (لا توبة له) وسأله آخر فقال: (له توبة) ثم قال: أما الأول فرأيت في عينه إرادة القتل فمنعته، وأما الثاني فجاء مستكينا قد ضل فلم أقنطه. قال الصيمري وكذا إن سأله رجل فقال: إن قتلت عبدي علي قصاص؟ فواسع أن يقول: إن قتلت عبدك قتلناك، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: من قتل عبده قتلناه. ولأن القتل له معان: ولو سئل عن سب الصحابي هل يوجب القتل؟ فواسع أن يقول: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من سب أصحابي فاقتلوه. فيفعل كل هذا زجراً للعامة، ومن قل دينه ومروءته. انتهى.
ولأن الكذب جائز لتحصيل كل غرض محمود شرعا، كما بيناه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 35822، 41582، 45477.
ويستوي فيما ذكرنا الكافر والمسلم، إذ لا يجوز إعانة الكافر على ما هو معصية لله وإن لم يعتقد الكافر حرمته، لأنهم مخاطبون بفروع الشريعة في المعاملات بالإجماع، وراجع الفتوى رقم: 37319، والفتوى رقم: 20318.
والله أعلم.