الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد جعلت التلفظ بالطلاق يا أخي الكريم هزوا، والطلاق حد من حدود الله تعالى وهو علاج لا يستخدم إلا عند فساد الحياة الزوجية وتعذر استقامتها واستدامتها ، أما أن يكون وسيلة تهديد وإرعاب فلا ، وعموما فإن قصدت بقولك (أنا طلقتك) أي الآن فهو إيقاع طلاق وتقع به طلقة واحدة .
أما إن قصدت (أنا طلقتك) أي في الماضي فهذا إخبار بالطلاق والخبر يحتمل الصدق والكذب ، ولكنك تؤاخذ به قضاء لأنه إقرار، وأما ديانة بينك وبين الله فهي زوجتك ، وأما هي فإن صدقتك فلها البقاء معك وإن غلب على ظنها أنك كاذب في بيان مرادك فلا يجوز لها البقاء معك ولها أن ترفع أمرها للقضاء.
وأما قولك ( إذا خرجت من الباب ستكوني طالقا بالثلاثة) فهو تعليق للطلاق الثلاث بخروجها فيقع الطلاق بخروجها وقد خرجت فتكون قد بانت منك بينونة كبرى لا تحل لك حتى تنكح زوجا غيرك، ولا فرق بين أن تكون نيتك إيقاع الطلاق أو مجرد التهديد وهذا هو الذي ذهب إليه جمهور الفقهاء وحكى الإجماع عليه الإمام محمد بن نصر المروزي وأبو ثور وابن المنذر وغيرهم. وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى أن الطلاق المعلق إن قصد به المتلفظ به الحث أو المنع فهو يمين وعليه الكفارة.
أما إن كان قصدك بحرف السين في قولك (ستكوني) أي سأطلقك في المستقبل بعد خروجك فهو وعد بالطلاق وليس طلاقا فلا تطلق زوجتك وهذا ما لا نظن أنك أردته لأن غالب الناس يريد من قوله (ستكونين طالقا إذا فعلت كذا) أي (أنت طالق إذا فعلت كذا) وفي هذه الحالة يقع الطلاق وإن نوى به مجرد التهديد.
وأما الطلاق الأخير الذي تقول إنه وقع تحت التهديد فالظاهر أنه واقع أيضا لأن التهديد الذي ذكرت لم يبلغ الحد الذي تكون فيه مكرها على الطلاق ولمعرفة ضابط الإكراه انظر الفتوى رقم 24683.
وعليه فنرجو توضيح أمرين:
الأول: ما هي نيتك بقولك (ستكوني) هل هو تهديد بأنها إن خرجت طلقت ، أم أنها إن خرجت سوف تطلقها .
ثانيا : ما هو التهديد الذي تعرضت له حتى تلفظت بالطلاق الأخير، هل هو مجرد الذهاب إلى الشرطة أم ماذا ؟
والذي يظهر لنا من خلال السؤال أن هذه المرأة قد بانت منك ولا تحل لك حتى تنكح زوجا غيرك، ومع هذا فإننا لا ننصح بالاعتماد على مجرد هذه الفتوى بل إننا ننصح بالرجوع إلى الثقات من أهل العلم والورع في بلد السائل والاطلاع على ما تضمنته هذه الفتوى وعلى الأمر من جميع جوانبه.
والله أعلم.