الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فعمل الرجل في مجال أمراض النساء والتوليد، تحفه محذورات شرعية كثيرة من مخالطة النساء والاطلاع على عوراتهن، ولا يخفى ما في ذلك من المفاسد التي لا تباح إلا لضرورة أو حاجة تنزل منزلتها، وهذا لا شك يضيق من مجال عمل طبيب أمراض النساء أو الولادة. وإذا كان الشخص جازما بكونه لن يتخصص في هذا المجال، فلا شك أن من واجبه البعد عما يؤدي إلى كشف العورات ولمسها.
فعليك –أيها الأخ الكريم- أن تبحث عن تخصص يجنبك هذه المحاذير الشرعية، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. فإن لم تجد غير هذا التخصص وكنت محتاجا إليه، أو كان الناس محتاجين إليه، جاز لك الاستمرار فيه مع تجنب ما أمكن تجنبه من النظر إلى العورات وملامستها. فقد جاء في الفتاوى الهندية: امرأة أصابتها قرحة في موضع لا يحل للرجل أن ينظر إليه, لا يحل أن ينظر إليها, لكن يعلم امرأة تداويها, فإن لم يجدوا امرأة تداويها ولا امرأة تتعلم ذلك إذا علمت, وخيف عليها البلاء أو الوجع أو الهلاك فإنه يستر منها كل شيء إلا موضع تلك القرحة, ثم يداويها الرجل, ويغض بصره ما استطاع إلا عن ذلك الموضع.
فبان من هذه الفتوى شدة التحريج في المسألة، وأنها تباح إذا تعينت وسيلة لإنقاذ نفس.
والله أعلم.