الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أحسسنا بمعاناتك وتألمنا لألمك ، واعلمي أيتها الأخت المؤمنة أن سلعة الله غالية ، وسلعة الله الجنة ، وأن دخول الجنة يحتاج منا إلى صبر على طاعة الله تعالى ، وحمل النفس على ما تكره ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : حفت الجنة بالمكاره ، وحفت النار بالشهوات. رواه مسلم في صحيحه . وانظري الفتوى رقم : 3293 .
فاصبري على ما تجدين من أمك ، واكظمي غيظك ، واجتهدي في حسن صحبتها ، وتحببي إليها وابذلي الوسع لترضى عنك ، ومن ذلك أن تقبلي رأسها ويديها ، وأن تنظري إليها بشفقة ورحمة ، وأن تهدي إليها شيئاً تحبه ويفرح قلبها ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : تهادوا، فإن الهدية تذهب وحر الصدر . رواه أحمد والترمذي . وفي رواية : تهادوا ، فإن الهدية تسل السخيمة . ومعنى وحر الصدر : أي غله وغشه وحقده .
واعلمي أن أمك هي أوسط أبواب الجنة ، بل إن الجنة تحت قدمها . واعلمي أن أمك مهما قصرت في حقك ، فإن حقها من البر والطاعة في المعروف يظل باقياً ، وانظري الفتاوى ذات الأرقام التالية : 22112 ،17754 ،8173 ،2894 ،4296 ،5925 ،11649 .
ثم اعلمي أن تغيرك في التعامل معها سيؤدي حتماً (مع الصبروالتوكل ) إلى تغيرها في التعامل معك ، فبادري وابدئي بنفسك ، قال الله تعالى : إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ {الرعد: 11}
واستعيني بالله تعالى واسأليه بذل وإلحاح أن يصلح ما فسد من العلاقة بينكما وأن يصل ما انقطع ، إنه ولي ذلك والقادر عليه . وانظري ثواب الصابرين في الفتويين : 8601 ،32180 . ثم اعلمي أنه لا تأثير لغضبها عليك على عبادتك وصلاتك وصيامك ، وأن ما تفعلينه من الطاعات إذا استوفى شروطه وأركانه ولم يكن ثمة موانع فإن الله يقبلها ويثيبك عليها ، ولن يضيعها عليك . قال تعالى : وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ {البقرة: 143 } فلا تستسلمي للوساوس .
واحذري من الدعاء عليها بالموت ، فإن ذلك من العقوق ، وإن كنت قد ألممت ببعض من قبل فتوبي إلى الله ولا تعودي لذلك أبداً . وتذكري أنها سبب وجودك في الحياة فكيف تتمنين زوالها منها .
والله أعلم .