الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالتعدد إذا توفرت شروطه فحكمه حكم الزواج ابتداء مباح في الأصل، وتعتريه الأحكام التكليفية من وجوب وحرمة وكراهة واستحباب، بحسب كل حالة على حدة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 3011.
ولا نعلم حديثاً خاصاً يرغب في التعدد سوى الأحاديث العامة في الترغيب في الزواج، وفي صحيح البخاري وغيره عن سعيد بن جبير، قال: قال لي ابن عباس: هل تزوجت قلت لا، قال: فتزوج فإن خير هذه الأمة أكثرها نساء. قال الحافظ ابن حجر في الفتح: قيل المعنى خير أمة محمد من كان أكثر نساء من غيره ممن يتساوى معه فيما عدا ذلك من الفضائل.
مع التنبيه إلى أن المباح إذا حسنت النية فيه يثاب عليه العبد، أما قول السائلة (هل إذا علم الرجل أن زواجه على زوجته سيؤذيها ويفتنها ويلحق بها ضرراً شديداً يجوز له أن يتزوج عليها وليس عليه إثم؟)، بعد ذكرها نهية صلى الله عليه وسلم علياً عن الزواج على فاطمة وقوله (فإنما فاطمة بضعة... ألخ) نقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا أحرم حلالاً ولا أحل حراماً، وإن فاطمة بضعة مني يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها، وإني أخشى أن تفتن عن دينها، ولكن إن أحب ابن أبي طالب أن يطلقها ويتزوج بنت أبي جهل، فإنه والله لا تجتمع بنت نبي الله وبنت عدو الله تحت رجل واحد أبداً. ونحن نقول لا نحرم حلالاً ولا نحل حراماً، ولا نقول إن الزوج يأثم إذا تزوج في هذه الحالة، لكن للزوجة إذا رأت أنها ستفتن في دينها وخشيت أن لا تقيم حدود الله، أن تطلب الطلاق أو تفتدي من الزوج، كما هو حق ثابت لها في الشريعة، وتقدم بيانه في الفتوى رقم: 3875، وأما شروط إباحة التعدد فقد تقدم بيانها في الفتوى رقم: 1342.
والله أعلم.