الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالقائلون ـ ومنهم المالكية ـ بأن الدين لا يزكى إلا مرة واحدة عند قبضه اختلفوا في جواز تقديم زكاته قبل القبض. فأجازه بعضهم ومنعه آخرون وهو الأحوط ، وهو المعتمد عند المالكية قال سليمان الباجي رحمه الله: ومن زكى دينه قبل قبضه فهل يجزئه أم لا؟ قال ابن القاسم لا يجزئه، وقال أشهب يجزئه، وجه قول ابن القاسم أن الزكاة لا تجب فيه إلا بقبضه، فإذا أخرج زكاته قبل وجوبها لم يجزه كما لو أخرجها قبل الحول. ووجه قول أشهب أن الزكاة تجب في الدين بالحول، لأنه عين، وإنما يتأخر أداؤها، لأننا لا نعلم وجوب الأداء، لأن ذلك إنما يعلم بالقبض، فهذا إذا أخرج زكاته قبل قبضه فلم يخرجها قبل وجوبها، وإنما ذلك بمنزلة ما نقول إن الزكاة تجب في الثمرة ببدو الصلاح ثم لا يلزمه الإخراج إلا بعد الجداد ولو أخرج الزكاة قبل الجداد وبعد بدو الصلاح لأجزأه ذلك.
فهذه وجهة نظر كل من القولين، وعليه فالذي ننصحك به الأخذ بالأحوط، وهوأن تخرج زكاة الدين مرة أخرى بعد قبضه وتحتسب الأجر عند الله تعالى فيما دفعت فلن يضيع، ولعلك تجده في وقت أنت أحوج إليه.