الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه يتعين على المسلم أن يصون دينه عن الشبهات، فلا يستمع إليها، ولا ينظر فيها لأن الشبهة قد تستقر في قلبه ولا يستطيع دفعها لضعف إيمانه أو قلة علمه أو هما معاً، وقد نص العلماء على حرمة النظر في كتب أهل الكتاب لما فيها من التحريف، فكيف بالنظر لشبهات هؤلاء فهي أشد تحريماً، وانظر الفتوى رقم: 14742.
واعلم أن ما ذكره أصحاب الموقع من حديث القرآن عن إعطاء النبوة لبني إسرائيل فقد أخبر الله عن موسى عليه السلام أنه ذكره في جانب الامتنان عليهم ولم يذكر ما يفيد حصر النبوة فيهم، فقال تعالى: وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّن الْعَالَمِينَ {المائدة:20}، وقد ذكر الله في القرآن امتنانه على هذه الأمة ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى: لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ {آل عمران:164}، وأما ما ذكروه في عدم ذكر محمد في الإنجيل فراجع رده في الفتوى رقم: 12746.
وذكر تعالى بشارة عيسى به فقال: وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ {الصف:6}، وأما ما ذكروه في خداع عثمان وما كتب عبد المسيح بسيط فإنك لم تكمل الكلام عليه حتى نبين الرد عليه، ولكن عثمان لم يتصرف في القرآن من عنده، وقد أجمع الصحابة ومن بعدهم من المسلمين على أن القرآن المكتوب في المصحف كلام الله المحفوظ الذي لا يتطرق إليه التحريف والتبديل، ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، لأنه تنزيل من حكيم حميد، فلا دخل لعثمان فيه، وراجع الفتوى رقم: 6472، والفتوى رقم: 57231.
وأما قضية النسخ فقد تقدمت لنا فتاوى كثيرة حول النسخ ومعناه وأحكامه والرد على ما يورد حوله من شبهات وغير ذلك مما يتعلق به، ويمكن للسائل الوصول إلى هذه الفتاوى بالرجوع إلى (العرض الموضوعي) ثم على (القرآن الكريم) ثم على (من علوم القرآن) ثم على (الناسخ والمنسوخ)، وراجع على سبيل المثال الفتاوى ذات الأرقام التالية: 13919، 3715، 12905، 46644، 20781، 57355.
والله أعلم.