الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الجلوس بين السجدتين والطمأنينة فيه من أركان الصلاة فلا تصح الصلاة إلا بهما عند جمهور العلماء، قال النووي: فرع في مذاهب العلماء في الجلوس بين السجدتين والطمأنينة فيه، مذهبنا أنهما واجبان لا تصح الصلاة إلا بهما، وبه قال جمهور العلماء، وقال أبو حنيفة: لا تجب الطمأنينة ولا الجلوس بل يكفي أن يرفع رأسه عن الأرض أدنى رفع ولو كحد السيف، وعنه عن مالك أنهما قالا يجب أن يرتفع بحيث يكون إلى القعود أقرب منه وليس لهما دليل يصح التمسك به، ودليلنا قوله صلى الله عليه وسلم ثم ارفع حتى تمطئن جالسا. رواه البخاري. انتهى.
وذكر ابن قدامة في المغني أن الواجب في الصلاة نوعان أحدهما لا يسقط في العمد ولا في السهو.. قال: ومنه السجود حتى يطمئن والاعتدال عنه بين السجدتين حتى يطمئن. انتهى.
وبهذا يتبين أن الجلوس بين السجدتين واجب عند جمهور العلماء ولكن هل تبطل صلاة هذا الإمام لتركه الجلوس أم لا. عند المالكية قولان في بطلان صلاة من فعل مثل ما فعل الإمام المذكور، قال الدسوقي في حاشيته على الدردير بعد أن ذكر الخلاف في الكيفية التي يرجع بها من ترك سجدة وقام قال: وبقي شيء آخر وهو أنه على القول المعتمد من أن تارك السجدة يجلس، لو خالف ورجع ساجدا من غير جلوس فاستظهر الخرشي في كبيره البطلان لأن الجلوس بين السجدتين فرض قال شيخنا ( العدوي) وقد يقال الظاهر الصحة مراعاة لما رواه أشهب أن تارك السجدة يخر ساجدا من قيام ولا يجلس. انتهى.
فعلى هذا القول الأخير لم تبطل صلاته وإن كان الأحوط والأبرأ للذمة أن يعيد هذا الإمام الصلاة خروجاً من الخلاف. هذا إذا لم يقم بإلغاء الأولى بعد أن فات محل تدارك إصلاحها ويجعل الثانية مكانها كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 50974.