الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن للبيئة والمجتمع الذي يعيش فيه الإنسان أثر كبير في التزامه بأحكام الدين أو تفلته منها، وفي تحليه بالأخلاق الإسلامية أو تخليه عنها، ولا شك ولا ريب أن العيش في المجتمعات غير الإسلامية، يعد خطراً على دين المسلم وأخلاقه، ولذا ننصح من يعيش من المسلمين هناك بالعودة إلى بلادهم الإسلامية، حفاظاً على دينهم ودين أبنائهم وأخلاقهم، وتراجع الفتوى رقم: 52060.
ولعل هذا هو الحل الأمثل لمشكلة السائل وأمثاله، لكن ربما لا يكون السائل قادراً على العودة بزوجته خاصة وأنها قد امتلكت جنسية ذلك البلد، ونحن لا ننصح الزوج بطلاق زوجته ما لم يفقد كل أمل في صلاحها وعودتها إلى رشدها وصوابها، فليحرص على نصحها بلين وحكمة، وتعليمها ما يجب عليها من حق الله وحق الزوج، وليعرفها ويقربها من المسلمات المتدينات هناك، ويصحبها إلى المراكز الإسلامية والمساجد، ويعرفها بالمواقع الإسلامية على الإنترنت، مستخدما معها أسلوب اللين والترغيب، ففي الحديث: إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه. رواه مسلم.
والحاصل أن على الزوج أن يسعى بكل ما يمكنه في إصلاح الزوجة، فإن صلحت فبها ونعمت، وإلا كان الطلاق هو الحل، وعليه أن لا يترك البنات معها في حال الطلاق إن أمكنه ذلك، فإنها إن بقيت على هذه الحال فليست أهلا للحضانة، وتنتقل الحضانة إلى من يليها كأمها، وليعد بهن إلى بلده، ففي العودة فرار بدينه ودين بناته من تأثير ذلك المجتمع الموبوء.
أما بشأن الطلاق في المحاكم الأوروبية فقد نص البيان الختامي للمؤتمر الثاني لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا، المنعقد بكوبنهاجن- الدانمارك مع الرابطة الإسلامية، في الفترة من 4-7 من شهر جمادى الأولى لعام ألف وأربعمائة وخمسة وعشرين من الهجرة الموافق 22-25 من يونيو لعام ألفين وأربعة من الميلاد: أنه إذا طلق الرجل زوجته طلاقاً شرعياً فلا حرج في توثيقه أمام المحاكم الوضعية، وأن اللجوء إلى القضاء الوضعي لإنهاء الزواج من الناحية القانونية لا يترتب عليه وحده إنهاء الزواج من الناحية الشرعية.
والله أعلم.