الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يحق لكم التصرف في مال والدتكم المريضة إلا بما فيه مصلحته وتنميته بطرق الحلال وإخراج زكاته كلما حال الحول، ولا يجوز لكم أن تعملوا منه أعمالاً خيرية إلا إذا كان معها عقلها وأمرتكم بذلك فعليكم أن تنفذوه في حدود الثلث فهو الذي يحق للمريض مرضاً مخوفاً أن يتصرف فيه من ماله بدون عوض، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة لكم في أعمالكم. رواه أحمد وابن ماجه وغيرهما، وأما مجرد قولها قبل مرضها لو كان عندي المال لفعلت به الخير فلا يعتبر وصية، وكذلك ما كان يقول لك خالك لا يعتبر وصية يجب تنفيذها إلا إذا قامت بينة شرعية على الوصية غير ما ذكرت.
ولكن نرجو أن ينالهما أجر من نوى الخير أو عزم على فعله، فقد روى الترمذي وغيره وصححه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة أقسم عليهن، وأحدثكم حديثاً فاحفظوه، قال: ما نقص مال عبد من صدقة، ولا ظلم عبد مظلمة فصبر عليها إلا زاده الله عزاً، ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر -أو كلمة نحوها- وأحدثكم حديثاً فاحفظوه، قال: إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالاً وعلماً فهو يتقي فيه ربه ويصل فيه رحمه ويعلم لله فيه حقاً، فهذا بأفضل المنازل، وعبد رزقه الله علماً ولم يرزقه مالاً فهو صادق النية يقول: لو أن لي مالاً لعملت بعمل فلان فهو نيته فأجرهما سواء، وعبد رزقه الله مالاً ولم يرزقه علماً فهو يخبط في ماله بغير علم لا يتقي فيه ربه ولا يصل فيه رحمه ولا يعلم لله فيه حقاً، فهذا بأخبث المنازل، وعبد لم يرزقه الله مالاً ولا علماً فهو يقول: لو أن لي مالاً لعملت فيه بعمل فلان فهو نيته فوزرهما سواء. فهذا الحديث يدل على أن الأجر والوزر يثبتان للعبد بنيتهما وعقد العزم على فعلهما، ولذا نرجو أن يكون أمك وخالك صادقين فيما قالا، فيثبت لهما الأجر، وإن كان عزمهما على فعل الخير لم ينفذ لعدم توفر الإثبات الشرعي لإرادتهما.
والواجب عليكم أن تحتفظوا بمال والدتكم جميعاً بما في ذلك ما تشكون في إباحته فإذا فاقت أصبحت هي المسؤولة عنه، وعليها أن تخرج منه الفوائد الربوية لتتخلص من حرمتها بصرفها في مصالح المسلمين العامة، وإذا توفاها الله تعالى فإن عليكم أن تتخلصوا من المال الحرام وأن تؤدوا عنها الحقوق من دين وحج وزكاة.... قبل قسم ما بقي بعد الحقوق على الورثة.
ونقول للسائلة الكريمة -جزاها الله خيراً عن والدتها وعن خالها- بأن عليها أن تستعين بالمحكمة الشرعية في هذا الأمر فهذا من أهم اختصاصاتها ولا يكلفها القيام بالواجب شيئاً مما سيرفع عنك الحرج ويجنبك المشاكل، نسأل الله تعالى أن يوفق الجميع، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 51030 وما أحيل إليه فيها.
والله أعلم.