الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 1028 أن مهنة المحاماة إذا كانت ضمن حدود الشرع فهي جائزة، فلتراجع تلك الفتوى للأهمية كما تراجع أيضا الفتوى رقم : 18505.
وعليه؛ فعملك على - ما ذكرت - يشتمل على عدة محذورات يجدر التنبيه عليها:
أولا: قيامك بالترافع بداية ضد شركة التأمين، ومطالبتها بمبلغ التأمين غير مشروع، أولا: لأن شركة التأمين غير مسؤولة عن الحادث، وثانيا: لما في ذلك من إقرار التأمين التجاري المحرم، وراجع للتفصيل الفتوى رقم: 472.
والمشروع هو مطالبة الشخص المسؤول عن الحادث فيما هو أقل من ثلث الدية، ومطالبة عاقلته فيما بلغ ثلث الدية فأكثر، فإن لم يكن له عاقلة فمطالبة بيت المال، فإن لم يمكن أو لم يوجد بيت مال فمطالبة الشخص المسؤول. وراجع الفتوى رقم :22983
وعلى كل حال فإذا أحيل المصاب أو ورثته على شركة التأمين لقبض ما يستحقونه فلا حرج عليهم في قبضه، لأنهم غير مسؤولين عن المال الذي كسبه غيرهم إذا دفع إليهم مقابل استحقاقهم لهذا المال بصورة مشروعة، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 7899 والفتوى رقم : 6566
وننبه إلى أن محل عدم جواز الترافع ضد شركة التأمين هو إذا أمكن الحصول على حق موكلك دون الترافع ضدها، أما إذا كان لا يمكن الحصول على حقه إلا بالترافع ضدها -نظرا للقوانين الوضعية التي تحتم ذلك -فيجوز، حيث إن الضرورات تبيح فعل المحظورات، كما هو معلوم.
ثانيا: مطالبتك بالكسب الفائت نتيجة الإصابة لا يجوز، لأنه ليس للمصاب إلا الدية أو أرش العاهة، فإذا حصل عليها فلا يجوز له المطالبة بغيرها ، وراجع الفتوى رقم:14509
ثالثا: المطالبة بالتعويض عن الضرر المعنوي محل خلاف بين أهل العلم والراجح لدينا عدم جوازه، وراجع الفتوى رقم: 35535.
هذا ما يتعلق بما ذكرت من طبيعة عملك، أما مطالبتك بالفائدة القانونية فلا تجوز مطلقا ولو لأجل ما ذكرت من تسريع إجراءات التقاضي سواء تركت بعد ذلك للشركة أو تم التخلص منها في مشاريع خيرية لأن الفائدة ربا محرم وهي ظلم لمن أخذت منه، فالمطالبة بها مطالبة بما لا يجوز وإقرار له.
ويمكن الاستعاضة عن المطالبة بها -لتسريع إجراءات التقاضي وعدم المماطلة - بوسائل أخرى مثل: المطالبة بتحميل المدعى عليه أجرة المحاماة مع رفع تلك الأجرة في حال مماطلته إلى أعلى ما يمكنكم.
وباقي ما ذكرت من أسئلة يعلم جوابه مما تقدم.
والله أعلم.