الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن طلب المرأة الطلاق من زوجها دون سبب لا يجوز، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها طلاقا في غير ما بأس، فحرام عليها رائحة الجنة. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وصححه الألباني. قال ابن حجر في " الفتح" : الأخبار الواردة في ترهيب المرأة من طلب طلاق زوجها محمولة على ما إذا لم يكن بسبب يقتضي ذلك. وذلك لأن الشرع أباح للمرأة الكارهة لزوجها والنافرة منه أن تطلب الخلع من زوجها مقابل مال تعرضه عليه، قال الله عز وجل: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ{البقرة: 229}. وروى البخاري في " صحيحه " عن ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة. قال ابن قدامة في " المغني": وجملة الأمر أن المرأة إذا كرهت لخَلقه أو خُلقه أو دينه أو كبره أو ضعفه أو نحو ذلك، وخشيت أن لا تؤدي حق الله في طاعته جاز لها أن تخالعه بعوض تفتدي به نفسها منه. ثم قال: وبهذا قال جميع الفقهاء بالحجاز والشام. فإذا طلبت المرأة الخلع يسن لزوجها أن يقبل ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة. قال البهوتي في " كشاف القناع" : ويسن له إجابتها أي إجابة زوجته المخالفة لحديث امرأة ثابت بن قيس.
فنصيحتنا لك أيها الأخ الكريم أن تحاول رأب الصدع بينك وبين زوجتك، فإن أصرت على موقفها من كرهها لك وطلبها الطلاق منك، فلا حرج عليك في قبول طلبها، ومخالعتها عن طريق المحكمة الشرعية، بل قد يسن لك ذلك كما سلف من كلام العلماء.