الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإننا نقول للأخت السائلة: إن ذلك ينبني على خلاف العلماء في شأن صلاة النساء جماعة، فقد اختلف العلماء في شأن صلاة النساء جماعة فذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه يسن لهن الجماعة منفردات عن الرجال سواء أمهن رجل أو امرأة لفعل عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما، وقد: أمر النبي صلى الله عليه وسلم أم ورقة أن تجعل لها مؤذنا يؤذن لها، وأمرها أن تؤم أهل دارها. رواه أبو داود.
ولأنهن من أهل الفرض فأشبهن الرجال، كما قال ابن قدامة: وهو مذهب الظاهرية أيضاً لعموم الأحاديث ، قالوا: ولا يجوز قصرها على الرجال فقط بدون دليل.
وعلى هذا القول فإن جماعة النساء تدخل في العمومات الواردة في فضل صلاة الجماعة وما يلزمها من أحكام، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة. رواه مسلم من حديث أبي هريرة.
وبناء عليه؛ فلا يجوز لك أن تنشئي صلاة نافلة للحديث، ولأن ما يفوتك مع الجماعة أفضل مما تأتين به لقول النبي صلى الله عليه وسلم: صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة. متفق عليه.
وكما لا يجوز لك أن تصلي صلاة فريضة بإزائهن منفردة عنهن لأنه يسن لك أن تصلي معهن جماعة إذا حضرت جماعتهن، وقطعاً لأسباب الخلاف والشحناء وما قد يقع في نفس من تؤمهن، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم للذي لم يصل مع الجماعة: ما أنت مسلم؟ قال الرجل: فقلت: بلى يا رسول الله، قال: فما منعك أن تصلي معنا؟ قلت: إني صليت في رحلي، قال: وإن كنت قد صليت في رحلك. أخرجه عبد الرزاق في مصنفه والطبراني في الكبير.
وذهب الحنفية والمالكية إلى أنه ليس للنساء أن يصلين جماعة، وكره ذلك الحنفية للفتنة، كما في البدائع، ومنعه المالكية إذ لا تصح عندهم إمامة المرأة أصلاً لأن من شروط الإمامة عندهم كون الإمام ذكراً، كما في الشرح الصغير ومختصر خليل وغيره.
وعلى هذا القول فإنه يجوز للمرأة إذا وجدت جماعة من النساء يصلين أن تصلي منفردة عنهن في نافلة أو فريضة، ولعل الراجح هو ما ذهب إليه أصحاب القول الأول لعموم الأدلة الواردة في شأن الجماعة، ولما روى عن طاووس وغيره أن عائشة رضي الله عنها كانت تؤذن وتقيم وتصلي بالنساء، وكذلك حديث أم ورقة عند أبي داود وغيره، وإن كان الأفضل للمرأة أن تصلي في بيتها كما في الحديث.
والله أعلم.