الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن العلماء قد اختلفوا هل تزول النجاسة وحكمها بحيث يبقى المحل طاهرا بغير الماء المطلق، أي هل تحصل طهارة النجاسة بالماء وبكل المائعات الطاهرة ما عدا السمن والدهن ونحوهما أم لا تحصل إلا بالماء المطلق؟ وقد أوضحنا كلام أهل العلم في الفتوى رقم: 22555 هذا في غير الاستنجاء، ومن خلال المطالعة للفتوى المشار إليها يتبين أن مذهب الأئمة مالك والشافعي والإمام أحمد في الرواية الصحيحة عنه أن النجاسة لا تزول إلا بالماء المطلق، وأن مذهب أبي حنيفة أنها تزول وتحصل الطهارة بالماء وبكل المائعات غير السمن والدهن، ووافقه شيخ الإسلام ابن تيمية.
ثم إن المسألة التي في السؤال وهي ما المراد بكل مزيل؟ فالجواب أن النجاسة إذا أصابت ثوبا أو بدنا أو فراشا وأزيلت عينها أي ذاتها بماء مضاف أو بأي مزيل آخر غير طعام أو نجس فإن ملاقي ذلك المحل لا ينجس ولو كان رطبا، وقد نصت كتب المالكية على هذه المسالة، ففي مختصر خليل: ولو زال عين النجاسة بغير المطلق لم يتنجس ملاقي محلها، قال شارحه الدردير: لو زال عين النجاسة بغير المطلق أي من مضاف وبقي بلله أو جف ولاقى مبلولا لم يتنجس على المذهب، إذ لم يبق إلا الحكم وهو لا ينتقل، قال الدسوقي معلقا على قول الدردير من مضاف أي وأما لو زال عينها بطعام كخل أو بماء ورد ونحوه فإنه يتنجس ملاقي محلها قولا واحدا. انتهى.
هذا كلام الفقهاء، فعلى هذا لو أن نجاسة أصابت فرشا -مثلا- وغسلت بماء متغير فإن هذا الفرش لم يطهر ولم يصلح للصلاة عليه لبقاء حكم النجاسة فيه، لكن لو أن شخصا وطى بقدمه ذلك المحل المصاب بالنجاسة التي زالت عينها لم تتنجس قدمه.
والله أعلم.