الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن التنافس بين الإخوان في الخير أمر محمود في الأصل، لقول الله تعالى: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ولقوله: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ {آل عمرا: 133}
وكذلك التعاون على البر والتواصي بالحق؛ لقوله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى {المائدة: 2} وقوله: وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)
ولكن مما يلاحظ على الطريقة التي ذكرت في السؤال أن المسلم لا يسوغ له أن يحدد في باب العبادات عددا معينا ما لم يأخذ ذلك التحديد من الشارع، ولا يليق أن يقتصر أسبوعا على ذكر واحد دون سائر الأذكار، وعليه أن ينطلق في برنامجه اليومي من الهدي النبوي في الحياة اليومية وما فيها من أذكار وأدعية مطلقة أو مقيدة.
وقد دون أهل العلم ذلك في كتب الأذكار كالأذكار للنووي، وعمل اليوم والليلة للنسائي وابن السني، والكلم الطيب لشيخ الإسلام
ثم إن ستر العبادات القاصرة التي لا يتعدى نفعها للغير أولى من إظهارها ما لم يترتب على ذلك تعليم للغير أو علم اقتداء الناس به في الخير فلا بأس بالإظهار مع الحرص على الإخلاص لله في ذلك، ومراقبة النفس حتى لا يشوب العمل شائبة رياء.
وليعلم أن هذه الأذكار قد حض الشارع على الإكثار منها ومن تلاوة القرآن، ولا شك أن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم كانوا أسبق الناس للخير وأكثرهم اشتغالا، فقد كان صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه، كما في صحيح مسلم من حديث عائشة، وكانوا يعدون له في المجلس الواحد مائة من الاستغفار كما في حديث ابن عمر: إن كنا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم. رواه أبو داود وصححه الألباني.
فالشارع حض على هذه الأذكار، فعلى المسلم أن يكثر منها ويأتي بها جميعا من دون تحديد لم يحدده الشارع، ولا اقتصار على بعضها في أسبوع وعلى بعضها في أسبوع آخر.
هذا، وننصح هؤلاء الإخوة السنيين المحبين للخير أن يعملوا برنامجا للتنافس في حفظ القرآن وبعض كتب السنة، وأن يحض بعضهم بعضا على عمل الخيرات، ولا حرج في سؤال مسؤول المجموعة لإخوانه أيكم عمل كذا؟ أيكم عمل..؟ ثم يبين له ما في ذلك من الثواب والأجر، ولا حرج على من سئل أن يجيب بما عمله بقصد تشجيع إخوانه لا بقصد السمعة، وذلك لما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أصبح منكم اليوم صائما؟ قال أبو بكر: أنا. قال: فمن تبع منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكر: أنا. قال: فمن أطعم منكم اليوم مسكينا؟ قال أبو بكر: أنا. قال: من عاد منكم اليوم مريضا؟ قال أبو بكر: أنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة.
وللمزيد في الموضوع راجع الفتاوى التالية أرقامها: 51760، 63431، 60582، 59782.
والله أعلم.