الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليس لنا أن نعترض على قضاء الله بأن خلقنا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن الله تعالى حكيم عليم، يفعل ما يشاء في ملكه لحكم يعلمها، قال الله تعالى: إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ {الأنعام:83}، وقال سبحانه: لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ {الأنبياء:23}.
هذا ونبشرك بأن المستقيمين على أمر الله تعالى في آخر الزمان لهم أجر عظيم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن من ورائكم أيام الصبر، للمتمسك فيهن يومئذ بما أنتم عليه أجر خمسين منكم، قالوا: يا نبي الله أو منهم، قال: بل منكم. رواه الطبراني، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة.
وكذلك فإن الثواب العظيم الذي أعده الله تعالى لمن هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد يتفضل بمثله على العابد في الزمن الذي ضعف فيه إيمان الناس وفسدت فيه أخلاقهم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: العبادة في الهرج كهجرة إليًَّ. رواه مسلم، قال الإمام النووي: المراد بالهرج هنا: الفتنة، واختلاط أمور الناس، وسبب كثرة فضل العبادة فيه أن الناس يغفلون عنها، ويشتغلون عنها، ولا يتفرغ لها إلا أفراد. انتهى.
واعلم أن الفساد الذي تراه عينك قد نكون نحن سبباً في وجوده واستمراره لما تركنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولما عطلنا شريعة الجهاد، وإن الواجب علينا أن نحافظ على ديننا من أن ينتقص أو أن يتعطل منه شيء، كما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعلون.
والله أعلم.