الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبداية نسأل الله تعالى أن ييسر أمرك، ثم اعلمي بارك الله فيك أن ما يحصل في هذا الكون من أمور هو بقضاء الله تعالى وتقديره، وشأن المؤمن أنه إن أصابته نعماء شكر ربه، وإن أصابته ضراء صبر فينال الأجر من كل ذلك، وذلك لأن الجميع ابتلاء؛ كما قال الله تعالى: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً {الأنبياء:35} وفي الحديث الصحيح الذي رواه مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك إلا للمؤمن، إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له.
ويقول صلى الله عليه وسلم: من يرد الله به خيرا يصب منه. رواه البخاري.
فألزمي نفسك بالصبر، وتوجهي إلى ربك سبحانه بالدعاء بأن يعوضك خيرا مما فقدت، وليس ذلك على الله بعزيز، ولتعلمي أن البلاء قد يكون في طياته خير كثير للعبد، وهو لا يدري.
ولعل ما حصل من فراق هذا الشاب لك فيه خير لك وأنت لا تعلمي، وتأملي قول الحق سبحانه: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ {البقرة: 116} وقوله: فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء: 19}
ومن هنا ندعوك إلى التخلي بالكلية عن التفكير في ذلك الرجل ما دام قد وقع الطلاق، وأهله لا يقبلون بك؛ إذ لا خير في حياة تحيطها الكراهة والبغض من جميع الجهات، وهذا ما يدعوك حقيقة إلى عدم التأسف فضلا عن أن تهلكي نفسك بالانتحار فتنالي على ذلك أشد العذاب من ربك سبحانه لتجرئك على هذه المعصية.
هذا فيما يتعلق بشأنك.
أما بخصوص ما فعلته أم زوجك من الإفساد بقطع حبل الزواج بينك وبين زوجك فلا ريب أن الإقدام على ذلك فيه معصية لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ليس منا من خبب امرأة على زوجها. رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني.
وما تحججت به من فارق بين أسرتك وأسرتها لا حجة فيه من الناحية الشرعية، وما كان يجب عليه أن يستجيب لأمه في الطلاق إذا كان السبب هو ما ذكر كما في الفتوى رقم: 3651.
والله أعلم.