الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنا قد بينا حكم تعلم الفلك في الفتوى رقم 55006
وأما معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد.
فقد بينه صاحب عون المعبود وبين عدم دخول علم الفلك فيه فقال :
من اقتبس ) أي أخذ وحصل وتعلم ( علما من النجوم ) أي علما من علومها أو مسألة من علمها ( اقتبس شعبة ) أي قطعة ( من السحر زاد ) أي المقتبس من السحر ( ما زاد ) أي مدة زيادته من النجوم
فما بمعنى ما دام أي زاد اقتباس شعبة السحر ما زاد اقتباس علم النجوم
ثم قال بعد كلام:
قال الخطابي: علم النجوم المنهي عنه هو ما يدل عليه أهل التنجيم من علم الكوائن والحوادث التي لم تقع كمجيء الأمطار وتغير الأسعار، وأما ما يعلم به أوقات الصلاة وجهة القبلة فغير داخل فيما نهي عنه. انتهى
وفي شرح السنة: المنهي من علوم النجوم ما يدعيه أهلها من معرفة الحوادث التي لم تقع وربما تقع في مستقبل الزمان مثل إخبارهم بوقت هبوب الرياح ومجيء ماء المطر ووقوع الثلج وظهور الحر والبرد وتغيير الأسعار ونحوها ويزعمون أنهم يستدركون معرفتها بسير الكواكب واجتماعها وافتراقها وهذا علم استأثر الله به لا يعلمه أحد غيره كما قال تعالى إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ فأما ما يدرك من طريق المشاهدة من علم النجوم الذي يعرف به الزوال وجهة القبلة فإنه غير داخل فيما نهى عنه قال الله تعالى: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ {الأعنام: 97} وقال تعالى: وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ {النحل: 16} فأخبر الله تعالى أن النجوم طرق لمعرفة الأوقات والمسالك ولولاها لم يهتد الناس إلى استقبال الكعبة.
روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال تعلموا من النجوم ما تعرفون به القبلة والطريق ثم أمسكوا كذا في المرقاة
والله أعلم.