الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالدعاء ثوابه عظيم وله مكانة عظيمة في الإسلام حيث بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه هو العبادة.
ففي سنن الترمذي وابن ماجه من حديث النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الدعاء هو العبادة ثم قرأ: وقال ربكم ادعونى أستجب لكم.
والمسلم إذا دعا الله تعالى، فإنه لا يخيب دعوته ما لم يستعجل أو يدع بإثم أو قطيعة رحم، ففي الصحيحين واللفظ للبخاري قال صلى الله عليه وسلم: يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول: دعوت فلم يستجب لي.
وفي سنن الترمذي أيضاً من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة إلا أتاه الله إياها أو صرف عنه من السوء مثلها ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم فقال رجل إذا نكثر قال الله أكثر. قال الشيخ الألباني: حسن صحيح.
والاستعجال في الدعاء سبب لمنع استجابته قال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى: قال بعض الأئمة: قوله يستجاب لأحدكم يحتمل الوجوب والجواز، فإن كان الخبر الأول فلابد من إحدى الثلاث، فإذا عجل بطل وجوب أحدها وتعرى الدعاء عن جميعها.
وعلى الجواز تكون الإجابة بفعل ما دعا ويمنعه من ذلك استعجاله، لأنه من ضعف اليقين ، وينبغي أن يدعو وهو موقن بالإجابة وبقلب حاضر، وقال أيضاً: والدعاء إنما وضع لمزيد التذلل وإظهار الافتقار والاحتياج، وفي الحديث: يستجاب لأحدكم ما لم يعجل أي، بل ينبغي الإلحاح في المسألة لما في الحديث أن الله يجب الملحين في الدعاء، ولا تيأس من الإجابة ولا تيأس من الرغبة، فمن فعل ذلك لم يحرم من إحدى الثلاث.
وقال أيضاً:
وفيه أن دعوة المسلم لا ترد ما لم تكن بإثم أو قطيعة رحم، ففي إحدى الثلاثة استجابة وفي الآخرين تعويض الاستجابة. انتهى
وعليه، فينبغي للأخت السائلة المواظبة على الإلحاح في الدعاء، ولا تسعجل بترك الدعاء فعدم حصول ما تتوق إليه لا يدل على أن دعاءها خائب لا فائدة فيه أو أن الله تعالى غير راض عنها.
فقد يكون ثواب الدعاء مدخراً لها في الآخرة أو صرف عنها بسببه بعض المصائب والبلايا، وقد يكون حصول الأمر المذكور لا مصلحة لها فيه، بل الخير في عدمه، قال تعالى: وعسى أن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء: 19}.
والله أعلم.