الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن السنة أن يتولى إمامة الصلاة من تولى خطبة الجمعة، وجمهور أهل العلم أن ذلك مستحب إلا أن المالكية قالوا لا يجزئ ذلك إلا لعذر يمنع الخطيب من إمامة الصلاة، وراجع الفتوى رقم: 56125.
ولا مانع من أن يجمع الإمام بين الإقامة والإمامة، ولكن من السنة أن يتولى الإقامة من تولى الأذان، وراجع ذلك في الفتوى رقم: 58777.
ويشترط في الخطبة أن تكون مما يطلق عليه خطبة عرفا، ولا يشترط فيها قراءة شيء من القرآن عند جمهور أهل العلم، قال الشوكاني في فتح القدير: واستدل به على مشروعية القراءة والوعظ في الخطبة وذهب الشافعي إلى وجوب الوعظ وقراءة آية وإلى ذلك ذهب الإمام يحيى ولكنه قال: تجب قراءة سورة وذهب الجمهور إلى عدم الوجوب وهو الحق. انتهى.
قال الدردير المالكي في شرحه لمختصر خليل متحدثاً عن شروط خطبة الجمعة: مما تسميه العرب خطبة بأن يكون كاملاً مسجعاً يشتمل على وعظ فإن هلل أو كبر لم يجزئ وندب ثناء على الله وصلاة على نبيه وأمر بتقوى ودعاء بمغفرة وقراءة شيء من القرآن. انتهى.
وفي حاشية الدسوقي على شرح الدردير: وقول ابن العربي أقل الخطبة حمد الله والصلاة والسلام على نبيه صلى الله عليه وسلم وتحذير وتبشير وقرآن. مقابل للمشهور كما في ابن الحاجب وعلى المشهور فكل من الحمد والصلاة على النبي والقرآن مستحب. انتهى.
وقد ذكر الإمام النووي شروط خطبة الجمعة قائلاً: شروط الجمعة سبعة: وقت الظهر وتقديمها على الصلاة والقيام والقعود بينهما وطهارة الحدث والنجس وستر العورة على الأصح في الخطبتين وقد سبق بيان هذه الشروط والسابع رفع الصوت بحيث يسمعه أربعون من أهل الكمال. انتهى.
وعليه فإذا كان الخطيب المذكور يأتي بما يجزئ في الخطبة فهي صحيحة مجزئه ولو لم يكن معيناً من طرف أي حهة ولو مع وجود من هو أكثر منه فقهاً أو قراءة فإن المفضول تصح إمامته مع وجود الفاضل، كما سبق في الفتوى رقم: 10176.
ومن القواعد المعروفة عند أهل العلم أن من صحت صلاته في نفسه صحت إمامته لغيره، كما سبق في الفتوى رقم: 36500.
ولكن الأفضل في حق الشخص المذكور التنحي عن تولي خطبة الجمعة ليتيح الفرصة لمن هو على مستوى من الكفاءة حتى يستفيد السامعون من خطبة الجمعة، وليحذر أن يؤم قوماً وهم له كارهون كرهاً له ما يبرره شرعاً، وانظر الفتوى رقم: 6359، والفتوى رقم: 26508.
ومن السنة أن يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله إلى آخر الصفات الواردة في قوله صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلماً ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه. رواه الإمام مسلم في صحيحه.
والله أعلم.