الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا اختلف العلماء، فإن على المسلم إن كان له نظر في الأدلة أن يتبع من أقوالهم ما كان أظهر صوابا وأرجح دليلا، مع ترك التعصب للأئمة والحذر من تقديم أقوالهم على نصوص الشرع، مع إنزالهم منزلتهم اللائقة بهم، والاستفادة من اجتهاداتهم في فهم نصوص الشرع، والحذر من تتبع رخص الأقوال والترجيح بالتشهي بما يناسب هوى المستفتي.
أما إن كان عاميا ـ أي غير متخصص في علوم الشريعة، ولا له نظر في الأدلة ـ فعليه أن يستفتي من هو من أهل العلم والورع من غير ترخص.
واعلم أن المأخوذ به هو سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أينما وجدت، سواء كانت مخالفة لمذهب الجمهور أو موافقة له.
قال الإمام الشافعي -رحمه الله-: ما من أحد إلا وتذهب عليه سنة لرسول الله وتعزب عنه وقال: أجمع الناس على أنه من استبانت له سنة رسول الله لم يكن له أن يدعها لقول أحد. وقال: إذا صح الحديث فهو مذهبي. وقال: كل مسألة صح فيها الخبر عن رسول الله عند أهل النقل بخلاف ما قلت فأنا راجع عنها في حياتي وبعد مماتي. ومثل هذا الكلام عند جميع الأئمة.
واعلم كذلك أن شيخ الإسلام ابن تيمية هو أحد علماء هذه الأمة الراسخين المجتهدين، وهو كغيره من أهل العلم، يؤخذ من قوله ويرد. فمن كان من أهل النظر في الأدلة فليس له أن يحيد عن الدليل، ومن كان بخلاف ذلك فلا مانع من أن يأخذ بقول أي واحد من أهل العلم تطمئن نفسه إلى علمه وورعه، وبالتالي فله أن يأخذ في هذه الحال بقول شيخ الإسلام ابن تيمية، سواء كان موافقا لمذهب الجمهور أو مخالفا له. لأن مقارنة رأي الجمهور بآراء العلماء الآخرين ليس في وسع سائر الناس، وإنما هو لأصحاب النظر والاستدلال.
والله أعلم.