الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأما بخصوص ما سألت عنه الأخت وهو رأي الدين في موقفها إذا رفضت بأن يأتي زوجها بأمه للإقامة معهم، فإن من حق الزوجة على زوجها الانفراد بمسكن لا تتضرر فيه ، وإذا كان للزوج أم أو قريب ليس له مأوى أو مؤنس وخشي عليه الوحدة والضياع ، وأراد أن يسكنه في بيته فله أن يسكنه في جانب من البيت ، شريطة أن يكون البيت مستقلا عن جانبه الآخر في مرافقه، وليس للزوجة الاعتراض على ذلك، وتقدم في الفتوى رقم: 45138.
وفي الجملة فإن للزوجة الحق في بيت لا تتضرر فيه من أحد، أم الزوج أو غيرها، هذا هو الواجب الشرعي على الزوج، وبالتالي إذا رفضت الزوجة سكن أم الزوج معها في بيتها الخاص فهذا من حقها، لا سيما مع وجود الضرر، لكن ليس من حقها أن تمنع زوجها من استقدام أمه ليسكنها بجنبه برا بها ورفقا.
هذا من حيث الجواز، أما إذا تحدثنا عن الأفضل والأكمل، فينبغي للزوجة أن تعين زوجها على بر أمه ، وأن ترضى بإقامتها معهم، وأن يكون الفضل والإحسان هو السائد في علاقتها بزوجها، وليس المشاحة والمطالبة بالحق كاملا .
وينبغي لها إذا قبلت أن تصبر على أم زوجها ابتغاء لوجه الله ورضاه أولا، وثانيا إرضاء لزوجها، ولتعلم أن العاقبة ستكون لها.
وأما الزوج فعليه أن يعلم أن عليه حقين :
الأول : طاعة أمه وبرها.
الثاني : عدم بخس الزوجة حقوقها.
فعليه أن يعطي كل ذي حق حقه دون ميل أو حيف، فللزوجة حق عليه كما سبق أن ذكرنا في بيت خاص، ولأمه حقوق منها أن لا يتركها وحيدة ضائعة إذا لم يكن لها أحد غيره، فله أن يأتي بها في جانب من البيت بحيث لا تتدخل في شؤون أهله، ويأتي لها بمن يخدمها إذ ليس من واجب الزوجة أن تخدم أمه.
ونقول للأخت اعلمي أن زوجك محسن ببره لأمه، ومسيء في تقصيره في حقك، فأعينيه على إحسانه، وانصحيه في شأن إساءته وتقصيره في حقك، ولا يحملنك تقصيره في حقك على مطالبته بعدم الإحسان إلى والدته، بل طالبيه بحقك دون أن يقصر في حق أمه.
والله أعلم