الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن شروط صحة الخطبة أن يكون الخطيب مسلما، ولا تصح من كافر أصلي ولا مرتد لأنها فرض كفاية، وقد وضع فقهاء الإسلام لصحتها شروطا اتفقوا على بعضها واختلفوا في البعض الآخر, ولو نزلنا الشروط التي اشترطها كل إمام على الكافر لا بد أن يختل شرط منها، ومتى اختل شرط لم تصح الخطبة عنده، ولم ينص كثير منهم على هذا الشرط بعينه لبداهته وكونه معلوما للجميع، وصرح به آخرون زيادة في التفهيم ولا يعلم أن أحدا من فقهاء الإسلام قال بصحة خطبة الكافر للجمعة، والقائل بجواز ذلك مطالب بالإثبات وأنى له ذلك، وممن صرح بهذا الشرط العلامة ابن الوردي في منظومته المسماة البهجة الوردية حيث قال وهو يعدد شروط الجمعة: جماعة بأربعين مؤمنا.... أي في الصلاة والخطبة.
واعترض عليه الشيخ زكريا الأنصاري في الغرر البهية لتنصيصه على هذا الشرط لكونه مشروطا في كل الصلوات فرد عليه العلامة ابن القاسم قائلاً: وكلام المصنف -ابن الوردي- يفيد اشتراطه في الخطبة أيضا فهو محتاج إليه. انتهى.
إذن فشرط إسلام الخطيب مسلم به عند فقهاء الإسلام فلا يصح ولا يقبل أن يأتي أناس في دبر الزمان لا علم لهم ولا فقه فيتكلمون في تقرير الأحكام الشرعية، ولا تجد أحداً منهم يجرؤ على الكلام في القضايا الطبية ونحوها إلا إذا كان قد أفنى عمره في دراستها، وما ذلك إلا لهوان الشريعة عندهم حتى صارت حمى مستباحا ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وأما عن الإمام فإذا كان مستتراً بذنبه غير مجاهر به فإنه ليس لك أن تذكره بهذا عند الناس، أما إن جاهر فنعم، والصلاة خلف الفاسق صحيحة على ما رجحه أكثر أهل العلم.
والله أعلم.