الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان المقصود أن هذا الرجل جاسوس للكفار على المسلمين، وكان ذلك أمرا ثابتا وليس مجرد دعوى، فالجواب أن أهل العلم حسبما اطلعنا عليه من نصوصهم متفقون على أنه مسلم في الظاهر إذا كان فعله لغرض دنيوي، واعتقاده على ذلك سليم. قال ابن العربي في أحكام القرآن: من كثر تطلعه على عورات المسلمين وينبه عليهم ويعرف عدوهم بأخبارهم لم يكن بذلك كافرا إذا كان فعله لغرض دنيوي، واعتقاده على ذلك سليم؛ كما فعل حاطب بن أبي بلتعة حين قصد بذلك اتخاذ اليد ولم ينو الردة عن الدين.
فإذا تقرر هذا عُلِم أن مجرد كونه جاسوسا لا يؤثر على صحة نكاحه وإن كان مقترفا لذنب عظيم يجب عليه التوبة منه قبل أن يحل به سخط الله تعالى ويردى في الدنيا والآخرة، إلا أنه ما زال مسلما، وينبني على كونه مسلما أن طلاقه واقع، فإذا كان -كما ورد في السؤال- قد طلق مرتين وحرمها في المرة الثالثة، فإن قصد بالتحريم الطلاق فقد بانت منه بينونة كبرى لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره.
وإن قصد بالتحريم الظهار فهو ظهار وانظري الفتوى رقم: 58727 والفتوى رقم: 18644.
ودخولها الغرفة وهي مكرَهة موقع للتحريم لأن المكره لها هو الحالف، قال ابن قاسم العبادي في حاشيته على التحفة: فمحل عدم الحنث إذا كان المعلق بفعله مكرها إذا لم يكن الحالف هو المكره له فليتأمل . اهـ
وقال محمد العبدري المالكي المشهور بالمواق في التاج والإكليل على مختصر خليل: قال سحنون : وإن قال لزوجته: أنت طالق إن دخلت هذه الدار، فأكرهها هو أو غيره على الدخول فلا يحنث بإكراه غيره, وأما هو فأخاف أن إكراهه لها رضا بالحنث اهـ
وأما المال الذي يأخذه هذا الرجل من عمله المحرم، فمال خبيث لا يجوز له الاستفادة منه إلا في حالة الاضطرار، وانظري الفتوى رقم: 38776، لكنه إن كان له مال آخر حلال فلا يحرم على الزوجة الأخذ من أمواله حسبما فصلنا في الفتوى رقم: 6880
والله أعلم