الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالعلماء قد اختلفوا فيما إذا وجدت المرأة رفقة مأمونة هل يجوز لها أن تسافر معها، أم لا؟ فذهب الحنابلة والظاهرية إلى عدم جواز ذلك مستدلين بما رواه الشيخان بروايات مختلفة عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة وابن عباس رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم. وفي رواية: سفرا يكون ثلاثة أيام فصاعدا. وفي رواية: ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم. قال النووي: واختلاف تلك الروايات لاختلاف السائلين.
وذهب الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية إلى جواز سفر المرأة دون محرم إذا وجدت رفقة مأمونة، كما قال ابن عبر البر في الاستذكار، والشربيني في التحفة. واستدل هؤلاء بحديث: لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحدا إلا الله. أخرجه البخاري في صحيحه، وله روايات كثيرة لدى أصحاب السنن.
قال ابن العربي: وهذا يدل على أن علة المنع هي الخوف فتزول بوجود الرفقة المأمونة، وقد كان عمر يبعث مع زوجات النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحج من الصحابة من ليسوا بمحارم لهن كلهن، وإنما هم رفقة مأمونة.
وعلى هذا القول فلا مانع من سفر المرأة مع غير ذي محرم إذا هي وجدت رفقه مأمونة من الرجال والنساء، أو من النساء فقط، ولا سيما في مثل الحالة المسؤول عنها.
والذي نراه راجحاً هو أنه لا يجوز سفر المرأة بدون محرم ولو وجدت رفقه آمنة، إلا في حال الضرورة، أو الحاجة المنزلة منزلة الضرورة أو المقاربة لذلك ومن ذلك سفرها لأداء فريضة الحج.
والله أعلم.