الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن تعلم الطب قد ذكر العلماء أنه فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين، والواجب لا ينعقد نذره عند أكثر الفقهاء من بينهم المالكية والأحناف والحنابلة، وكذلك المباح لا يلزم الوفاء بنذره عند هؤلاء. قال في منح الجليل - وهو مالكي -عند قول خليل بن إسحاق : وإنما يلزم به ما ندب قال: واحترز بما ندب عن الواجب، فلا يجب بالنذر، لأنه تحصيل حاصل، وعن المحرم والمكروه والمباح فلا يجب شيء منها بالنذر. انتهى.
وقال الكاساني في بدائع الصنائع وهو حنفي: فلا يصح النذر بشيء من الفرائض، سواء كان فرض عين كالصلوات الخمس وصوم رمضان، أو فرض كفاية كالجهاد وصلاة الجنازة. انتهى.
وقال المرداوي في الإنصاف: وهو حنبلي: لا يصح النذر في محال ولا واجب على الصحيح من المذهب. انتهى. ولم يفرق المالكية بين الواجب عينا والواجب كفاية، وقد ذهب الشافعية إلى أن فرض الكفاية يلزم بالنذر. قال النووي رحمه اله تعالى: قال إمام الحرمين: وفروض الكفاية التي يحتاج فيه في أدائها إلى بذل مال أو مقاساة مشقة تلزم بالنذر، وذلك كالجهاد وتجهيز الموتى. انتهى. ومن خلال هذه النصوص يتبين أن نذر تعلم الطب لا يلزم الوفاء به لأنه إما أن يكون فرض كفاية، ونذر فرض الكفاية لا يلزم عند الأكثر من الفقهاء، ويلزم عند الشافعية، لكنهم يمثلون له بما كان من القرب، كما سبق في كلام النووي، وإما أن يكون مباحا والمباح نذره لا يلزم عند اكثر الفقهاء أيضا، ويخير ناذر المباح عند الحنابلة بين الوفاء به أو دفع كفارة يمين، وهي مفصلة في الفتوى رقم: 2522.
ولبيان كلام الفقهاء على نذر المباح يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 20047.
وخلاصة القول أنا نقول لك: إن نذر تعلم الطب لا يلزم الوفاء به كما هو المعروف عند أكثر أهل الفقه، ولكن ينبغي لمن نذر ذلك ولم يتمكن منه أن يكفر كفارة يمين خروجا من الخلاف، ويتوب إلى الله تعالى على كل حال.
والله أعلم.