الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي اتضح لنا من السؤال هو أن هذا الرجل طلق زوجته أكثر من ثلاث مرات، وأن هذه الطلقات مفرقة حسبما في السؤال، ولكن لم يتضح لنا كيف عاد هذا الرجل إلى امرأته بعد أن طلقها -يعني-هل ارتجعها وهي مازالت في العدة أم أنه ارتجعها بعد أن خرجت من عدة الطلاق.
وحيث إن السائل لم يوضح لنا هذه الحيثيات فلا نستطيع أن نجيب على سؤاله إجابة خاصة محددة، ولكنا نقول إن من طلق امرأته ثلاث مرات متفرقة أو أكثر قبل أن تخرج من عدتها فقد بانت بينونة كبرى لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، ويدخل بها ثم يفارقها، لقول الله تعالى: فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ {البقرة:230}.
وهذا محل إجماع، أما إن كان طلقها بعد أن خرجت من عدته فإن طلاقه هذا لا ينفذ؛ لأنه لم يصادف محلا، وبالتالي فلا يحسب عليه من طلاقه إلا ما أوقعه حالة كون الزوجة في عصمته، وعليه فإذا كان هذا الرجل عاد لمعاشرة زوجته بعد طلاقه الأول لها أو الثاني وهي لا تزال في العدة من الطلاق الرجعي ثم طلقها ثانية أو ثالثة فإنها تعتبر بائنة منه بينونة كبرى، لأنه طلقها ثلاث مرات ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.
أما إن كان عوده لزوجته بعد خروجها من عدته سواء كان ذلك من الطلاق الأول أو الطلاق الثاني فلا يحسب عليه ما أوقعه من طلاق بعد هذا العود لأنه غير شرعي فالزوجة إذا خرجت من عدة الطلاق الرجعي تعتبر بائنة بينونة صغرى وتصير أجنبية من زوجها لا تحل له إلا بعقد جديد برضى منها وبولي وشهود.. ولا يقع عليها طلاقه لأنها خارجة عن عصمته، ولا يحسب عليه إلا ما أوقعه وهي في عصمته.
ولكن يجوز له أن يتزوجها من جديد كما سبق، أما فتوى من أفتى بعدم وقوع الطلاق نظراً لحالة الزوج (الزهق) فهي غير صحيحة، فالزوج إذا ما طلق زوجته في حال وعيه مختاراً غير مكره نفذ طلاقه، وتراجع لهذا الفتوى رقم: 2182.
وأخيراً ننصح بمراجعة المحكمة الشرعية في هذه المسألة، وخصوصاً إذا كان هناك إنكار من الزوج أو عدم تسليم بمضمون السؤال.
والله أعلم.