الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن العمل في البنك الربوي غير جائز، لما فيه من الإعانة على الإثم، وبالتالي، فالأجرة عليه حرام لأنها إجارة على منفعة محرمة شرعا، وهذه الأجرة لا يتملكها المستأجر والذي هو هنا البنك، ولا المؤجر (الموظف في البنك) فالأول لا يتملكها لأنها خرجت عن ملكه بعوض، وإن كان العوض محرما، واستوفى عوضه المحرم فلا يجوز أن يجمع له بين العوض والمعوض عنه، فإن ذلك إعانة له على الإثم والمعصية، وكذلك لا يتملكها الثاني لأنها كسب خبيث.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ومن باع خمرا لم يملك ثمنه.. بل يؤخذ هذا المال فيصرف في مصالح المسلمين، كما قيل في مهر البغي وحلوان الكاهن وأمثال ذلك مما هو عوض عن عين أو منفعة محرمة إذا كان العاصي قد استوفى العوض. اهـ
ولا يخرج مرتب العمل في البنك الربوي عما ذكر أعلاه، فسبيل هذا المرتب أن يصرف في مصالح المسلمين العامة، ومنهم الفقراء والمساكين، وللموظف بعد أن يتوب توبة نصوحا إن كان فقيرا محتاجا أن يأخذ من هذا المال بقدر حاجته، كما يقول الإمام النووي: وله -أي حائز المال الحرام- أن يتصدق به على نفسه وعياله إن كان فقيرا، وله أن يأخذ حاجته لأنه أيضا فقير.
هذا، ولا فرق فيما تقدم بين المرتب وبين المستحقات المالية التي تدفع للموظف في البنك عند تقديم استقالته، لأنها في حقيقة الأمر استقطاع من مرتبه طيلة عمله في البنك، فلا فرق إذا.
والله أعلم.