الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالظاهر من سؤالك أن الميت ترك ثلاث أخوات شقيقات وهن: عزيزة وحسيبة ونجلاء. وإخوة غير أشقاء وهم: علي وحكمت وأختهما رابيا، هؤلاء هم الذين ترك ممن يرث منه، أما الذين ماتوا في حياته فلا يرثون منه شيئاً.
وبناء على ما تقدم، فإن كان الورثة محصورين فيمن ذكر، فإن الأخوات الشقيقات يأخذن الثلثين، لقوله تعالى: إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ {النساء: 176}.
ويأخذ الإخوة ما بقي، فإن كانوا إخوة لأب فإنهم يرثون المال بالتعصيب مع إعطاء البنت نصف ما للذكر، لما في الحديث: ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر. رواه البخاري ومسلم.
وقال خليل في مختصره في الفقه المالكي بعد ما ذكر ميراث البنات والأخوات الشقائق وأخوات الأب قال: وعصب كلا أخ يساويها.
قال الخرشي في شرحه: يعني أن النساء اللاتي تقدم ذكرهن وهن البنت وبنت الابن والأخت الشقيقة والتي للأب يعصب كل واحدة فيأخذ الذكر سهمين والأنثى سهماً تعصيباً، وإن كانوا إخوة لأم فإنهم يرثون الثلث الباقي بالفرض ويستوي فيه -حينئذ- ذكرهم وأنثاهم.
ويدل لهذا قوله تعالى: وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ {لنساء: 12}.
وقد فسر أهل العلم الآية فذكروا أن المراد بها الإخوة لأم، ويدل له قراءة سعد وله أخ أو أخت من أم.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.