الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما وقع من والدكم عليكم وعلى والدتكم من ظلم لا يخلو من أحد حالتين:
إما أن يكون فعل ما فعل تحت تأثير السحر، ومعلوم أن للسحر أثرا على الإنسان، فقد قال الله تعالى: يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ {البقرة:102}. وفي الصحيح عن عائشة أنها قالت: سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إن كان ليخيل إليه أنه يأتي لنساء ولم يأتهن. وبحسب شدة السحر وقوته يكون أثره على الإنسان، فربما فعل المسحور بسبب السحر الفعل ولا إرادة له في فعله فيشبه في الحالة هذه المكره على الفعل، وقد تجاوز الله سبحانه عن المكره كما جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه وابن حبان. فلا يؤاخذ حينئذ ويكون وزر ظلمه لكم على من عمل له السحر.
وإما إن يكون ظلمه لكم وقع بإرادته ودون تأثير من السحر فإنه يؤاخذ على ذلك ويحاسب عليه، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة.
وأما هل يغفر الله له في هذه الحالة أم لا. فإن حقوق العباد مبنية على المطالبة والمشاحة، ولا تسقط ولا تبرأ الذمة إلا بأدائها. فقد أخرج البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها، فإنه ليس ثم ـ أي يوم القيامة ـ دينار ولا درهم، من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه.
وينبغي لكم أن تدعوا له بالمغفرة وتسامحوه في حقكم لعل الله أن يغفر له، وننصح بما أنكم قد ذقتم مرارة الظلم أن لا تظلموا زوجة أبيكم، وأن لا تتهمونها بما قد تكون بريئة منه.
والله أعلم.