الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الانترنت من نعم الله التي أعطاها في هذا العصر فالواجب شكر الله عليها باستخدامها في طاعته أو على الأقل فيما هو مباح. والأحسن استخدامها في طلب العلم الشرعي وسماع القرآن والمحاضرات العلمية أو استخدامها فيما يعود على العبد بمصلحة نافعة، ويتعين البعد عن استخدامها في اللغو فأحرى عن استخدامها في المعاصي ومشاركة أصحاب السوء في باطلهم فيقع الانسان فريسة للشيطان وأتباعه من متبعى الشهوات الذين يريدون إفساد شباب الأمة وأن يميلوا ميلا عظيما عن الهدى إلى الباطل وتضيع أوقاتهم وطاقتهم هدرا في غير مصلحة دينية ولا دنيوية حتى تتم السيطرة عليهم، وأما عن كيفية التخلص من هذه العادة السيئة فعليك أن تتذكر رقابة الله عليك الذي يعلم سرك ونجواك قال الله تعالى: أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ{التوبة:78}. ثم تذكر أخي أنه ربما يدخل عليك ولدك الصغير فيراك أو تكتشف زوجتك أو أحد أقربائك حالك فكيف يكون خجلك وحياؤك منهم، وينبغي أن يكون خجلك وحياؤك من خالقك ومربيك ومدبر أمورك أشد وأعظم، ولاتنسى أخي أن من أخطر وسائل حبوط الأعمال أن يكون العبد ظاهر التقوى أمام الناس فإذا خلا وحده اشتغل بالمعاصي، ففي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بأعمال أمثال جبال تهامة بيضاء فيجعلها الله هباء منثورا. قال: ثوبان، يارسول الله صفهم لنا جلهم لنا أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم قال: أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها. رواه ابن ماجه، وقال المنذري: رجاله ثقات وصححه الألباني. فعليك أن تستعف بزوجتك فإن الزواج هو أحصن الوسائل، لما في حديث الصحيحين: من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج. وفي الحديث: من تزوج فقد استكمل نصف الإيمان فليتق الله في النصف الباقي. رواه الطبراني وحسنه الألباني. وعليك أن تبرمج لنفسك برنامجا ثقافيا ورياضيا وترفيهيا مباحا حتى تشغل نفسك به عن الاتشغال بما لا يرضي الله تعالى. فإن العبد سيحاسب ويسأل عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيم أبلاه وعن ماله وعلمه. كما في الحديث: لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه وعن علمه فيم فعل وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن جسمه فيم أبلاه. رواه الترمذي وصححه الألباني. فأنفق يا أخي من وقتك ومالك في تعلم العلم النافع وفي مصالح المسلمين وخدمتهم، واجعل الإعراض عن اللغو شعارك في كل حالك.
والله أعلم.